IMLebanon

تفاؤل اللبنانيين بالعام 2015 مبرر أم مبالغ فيه؟

حوارات ورئاسيات وفساد وأسعار نفط.. وأمن مفتوح

تفاؤل اللبنانيين بالعام 2015 مبرر أم مبالغ فيه؟

يميل الناس مع بداية كل سنة إلى إجبار أنفسهم على التفاؤل والتمسك بالأمل. حوار بين «المستقبل» و «حزب الله». مساع حثيثة للقاءات تجمع العماد ميشال عون بالدكتور سمير جعجع. تأكيدات لوزراء أن ملفات الفساد من الطعام إلى الدواء إلى التزوير والسرقات لن تقفل، بل ستنتظم في آليات ومتابعات حثيثة. إشاعة أجواء ايجابية عن إمكان التوافق الرئاسي في غضون شهرين. كلام متزايد عن «بحبوحة» اقتصادية مرتقبة مردها تراجع أسعار النفط وانعكاسه ايجابا على مداخيل الطبقتين الوسطى والفقيرة.

لكن ميل الناس الطبيعي والمشروع إلى التفاؤل يتنافى مع ما يتردد في أوساط سياسية لها حضورها الوازن في السلطة. يعتبر مسؤول سياسي في تيار حزبي «اننا محكومون بالتفاؤل وبالسعي الجدي الى التمسك بكل فرصة تريح الناس وتطمئنهم وتخفف من الاحتقان الموجود في البلد»

من هذه الزاوية، ينظر المسؤول نفسه الى الحوار بوصفه «خطوة مفيدة، وان كانت تبدو منقوصة لغياب الحد الادنى من التوافقات، سواء في حوار «المستقبل» – «حزب الله»، او حوار عون – جعجع. فكل حوار يحتاج الى تقاطع الظروف والارادة والرغبة بالوصول الى مشتركات. واذا سلمنا بان ارادة تمرير الوقت وتجميل الصورة لدى كل الاطراف تقاطعت مع ظروف اقليمية ودولية بتهدئة الساحة اللبنانية، فكان، او سيكون الحوار، الا ان المشتركات بين القوى السياسية في لبنان تكاد تكون شبه غائبة. بالتالي، فان حوارات هذه المرحلة هي لملء الفراغ وتقطيع الوقت في انتظار ما سيكون».

لكن خوف الناس من ان يكون كل حراك اليوم هو لـ «ملء الفراغ وتقطيع الوقت»، بما في ذلك حملات مكافحة الفساد من الطعام والادوية الى التزوير في العقارات والكسارات، ما يؤدي الى استنتاج مفاده أن سنة 2015 هي خاتمة الآمال بالاصلاح.

واللافت للانتباه في هذا الاطار ان اكثر من سياسي ومسؤول، وبعد ان يبدي ترحيبا وتأييدا لخطوات «وزير العام» وائل ابو فاعور، يسارع الى التأكيد ان «الدولة لا يمكن ان تحضر بالمفرق. ولا يمكن البناء على اصلاح في وزارة او دائرة او قطاع بينما كل ما حولنا يتهالك ويتحلل وينهار».

واذا كان «كل ما حولنا يتهالك ويتحلل وينهار»، فالى ماذا يستند اللبنانيون فعلا في تفاؤلهم باقتراب الحلول سنة 2015؟

يجيب احد الوزراء، ممن يتابعون كـ «مشاهدين» الحوارات الحاصلة او المرتقبة، ان «التفاؤل سمة انسانية، اما الوقائع فلا يمكن الرهان عليها. فلا مؤشرات داخلية او خارجية الى امكان الحلحلة في اي من ملفاتنا. لذا، وفي الوقت الضائع، لا بأس من ترتيب بعض تفاصيل يومياتنا، وان كانت لا تغيّر الكثير من الصورة العامة».

الوزير نفسه يعتبر ان «المؤشر الاكثر تعبيرا عن الرغبة بنقل لبنان من محطة الى اخرى، والمتمثل بانتخاب رئيس للجمهورية، يبدو حتى الآن في علم الغيب. فلا جدية لدى الفرقاء المؤثرين في مقاربة الموضوع الذي يبقى معلقا على حبل التطورات الخارجية. وتحاول بعض الاطراف المسيحية الترويج لتقاربها وإمكانية تأثير ذاك التقارب على الانتخابات الرئاسية، وهذا ما يعرف اصحابه، قبل غيرهم، انه كلام مزايدات ومن باب رفع المعنويات ومحاولة تكبير الأحجام».

معطيات السنة الجديدة لا تحمل بشائر مطمئنة. فجمهوريتنا بلا رأس ورئيس الى اجل غير معلوم. والمعلومات الامنية التي ينقلها الوزراء المعنيون تؤكد ان شتاءنا قارس وربيعنا حار. وحوارات القوى السياسية شكلية اكثر منها منتجة. وقد بلغ يأس الناس من الاوضاع حدا باتوا يشككون في كل امر ايجابي حتى لو لمسوه في يومياتهم. قد تبدو الايجابية الوحيدة هي في تراجع اسعار المحروقات التي تنعكس مباشرة وبطريقة غير مباشرة على الطبقات الاكثر فقرا. وهذا لا فضل لنا به بطبيعة الحال، وحتى في هذه النقطة بالذات، «سيدفع لبنانيو الخليج ثمن هذا التطور بتراجع ودائعهم في المصارف اللبنانية أكثر من خمسين في المئة هذه السنة» يقول وزير معني بالشأن المالي والاقتصادي.