التيار الوطني الحر يعزف على ايقاع التفاؤل بقرب الوصول الى بعبدا، استناداً الى ايحاءات واعدة من القوى المقررة في تيار المستقبل معطوفة على عدم ممانعة النائب وليد جنبلاط، ومبنيّة على الحركة الأخيرة لوزير خارجية فرنسا جان كلود ايرولت وفي مضمونها نفي قاطع لوجود فيتو خارجي، على اسم العماد عون.
لكن المفاجأة أتته من جانب الرئيس نبيه بري الذي قال للوزير جبران باسيل ومشى الى اجازته الأوروبية، على ما نقلت صحيفة الأخبار: أنا غير شرعي وغير دستوري، ولن أنتخب عمّك للرئاسة وأبواب المجلس مفتوحة.
لقد أراد بري تذكير العماد عون بما كان يصف به المجلس النيابي منذ التمديد الأخير، متجاوزاً التفاهم النفطي بينه وبين الوزير باسيل الممثل الشرعي وربما الوحيد للعماد عون، ليصيب أهل التيار البرتقالي بالخيبة…
بعض الأوساط، فسّرت كلام بري على انه دعوة ضمنية للجنرال كي يسحب نفيه لشرعية مجلس النواب، الذي يتعامل معه معظم القوم، منذ التمديد الأخير، كمجلس شرعي كامل الأوصاف الدستورية.
أوساط أخرى اعتبرت ان نشر هذا الخبر – الموقف، لا بد انه حظي بموافقة مسبقة من صاحب العلاقة، الذي هو الرئيس بري، لغاية من إثنتين: اما الرغبة في التأكيد مجدداً على ان لا رابط بين ملف رئاسة الجمهورية، وبين ملف النفط والغاز، وإما التغطية على هذا الرابط، من خلال إنكار وجوده على هذا النحو…
وعلى أي حال، الأوساط تترقب نفياً أو توضيحاً من طرف صاحب الموقف، وما لم يصدر لا هذا ولا ذاك، يكون الصمت علامة رضى، وبالتالي يغدو التفاؤل العوني مفرطاً وفيه مبالغة، خصوصاً وان في الأجواء الدبلوماسية الفرنسية طروحات غير تلك التي نقلت عن كلام الرئيس سعد الحريري للوزير ايرولت، كمثل اقتراح محدود التداول حتى الآن، يبحث في امكانية التفاهم مع القوى الاقليمية على انتخاب شخصية قادرة ومهيّئة وموجودة في الميدان، لولاية لا تزيد عن ثلاث سنوات، بغية حماية الاستقرار النسبي القائم، وتصحيح تركيبة الدولة وادائها ريثما تنجلي صورة المنطقة.
أما تحديد مدة الولاية بثلاث سنوات، بدلاً من اثنتين، كما طرح في مناسبة سابقة، فمرتبطة بحاجة القوى المتحكمة بالصراع الدامي في بلدان الخريف العربي، من الوقت، لانهاء هذا الصراع، واعادة رسم حدود المصالح والنفوذ، خصوصاً في سوريا تحديداً، مع الأخذ بعين الاعتبار مستجدات الوضع التركي وما قد يطوّل أو يقصّر في أزمات المنطقة، ومنها الأزمة البنيوية التي تعصف بأركان لبنان التائه في هذا الخضم الجارف بين الأشقاء والأصدقاء.
لكن اللافت اشارة رئيس اللقاء النيابي الديمقراطي وليد جنبلاط الى إمساك الرئيس الأسد بورقة الرئاسة اللبنانية بانتظار الشاري الأميركي المقبل، متخطياً القبضة الايرانية المتمثلة بحزب الله، إلاّ أنه عاد وصحح الصورة، عندما أوضح لموقع ايلاف ان لبنان محكوم بالجغرافيا السياسية، وان المحور السوري – الايراني هو الحلقة الأقوى ضمن هذه الجغرافيا…
والدليل على هذا أن طرح فكرة ولاية الثلاث سنوات، للشخصية المقتدرة والخارج اسمها من لائحة بكركي الاسمية الرباعية، قوبل بالصمت من جانب حزب الله، كما في العديد من المقترحات أو المخارج الرئاسية…
وأمام كل هذه الأبواب الرئاسية الموصدة، لم يستبعد وزير الاتصالات بطرس حرب التمديد لمجلس النواب مرة ثالثة، ما لم ينتخب رئيس في هذا المجلس بالذات، لأنه لن تكون هناك انتخابات نيابية، قبل الانتخابات الرئاسية، وفق تقديره ومعطياته المنطقية.