رغم الغموض المحيط بمآل الاستحقاق الرئاسي فإن ثمة مؤشرات تفاؤل حذر تعبر كالبرق في سماء صافية، بعض الأحيان…
فبينما الأجواء العامة مستسلمة للاحباط المتمادي على مستوى الجلسات النيابية الانتخابية الفاقدة للنصاب، والتي سجلت رقماً قياسياً في تاريخ الجمهورية، ٣٤ جلسة فاشلة استناداً الى القناعات شبه الراسخة، بأن مفتاح الرئاسة اللبنانية موجود في طهران، وان طهران ليست في وارد وضع المفتاح في قفل مجلس النواب الآن، كما أوحت تصريحات للوزير وائل أبو فاعور أمس، فإن فريقاً آخر من ١٤ آذار يرى أن الحرص العربي والدولي على انهاء الشغور الرئاسي في لبنان، وضع بداية مسار لانتخاب رئيس للجمهورية، من دون تحديد فترة زمنية. الا أن هذا الفريق يبدو واثقاً بأن الشغور القائم أخذ طريقه للنهاية، وان المسألة باتت حصراً بين العماد ميشال عون، وبين النائب سليمان فرنجيه، وربما تطورت الأمور الى درجة البحث عن رئيس من خارج ٨ و١٤ آذار، ممن يوصفون بالتوافقيين أو الوسطيين، وبالتفاهم بين ١٤ آذار والنائب سليمان فرنجيه، تحديداً…
وفي هذه الحالة، لن يكون أمام حزب الله بدّ من دعم فرنجيه، بعد ابتعاد العماد عون عن المسرح، لأنه يبقى بالنسبة اليه أفضل من أي مرشح وسطي أو توافقي قد يوفق بالوصول الى بعبدا.
ويذهب بعض أطراف ١٤ آذار الى حد الاقتناع بأن فرنجيه هو المرشح الخفي لحزب الله، واما اشهاره بدعم ترشيح العماد عون، فمردود الى جملة أسباب، أهمها امكانياته التعطيلية، التي تسمح بتحديد موعد الاستحقاق الانتخابي، بحسب توقيت الاستراتيجية الايرانية، بدقة والتزام.
وضمن المعطيات الميّالة للتفاؤل، بحسب النائب المستقبلي عاطف مجدلاني، زيارة الرئيس حسن روحاني القريبة الى باريس، واحتمالات اسهامها في التعجيل بانتخاب رئيس للبنان. هنا تقول المصادر إن حزب الله أدرك أن قطار الانتخاب الرئاسي بدأ يتحرك، وإن ببطء، وإنه سيكون ملزماً، في حال ملاءمة الأجواء الاقليمية، أن يبحث عن المخرج المناسب، لاقناع العماد عون بأن يكون عراب العهد الجديد، وحسب أجنداته السياسية، خصوصاً وأن الرئيس العتيد عضو في كتلته. فضلاً عن ان فرنجيه يحظى بأصوات أساسية من ٨ و١٤ آذار، كذلك بين الوسطيين، خلافاً لما هو حال العماد عون، وقد زاد طينه بلة، جمود المساعي لعقد لقاء للأربعة الموارنة الأقوياء في بكركي، بعد خروج بعضهم من الالتزام بدعم من يحظى منهم بصولجان رئاسة الجمهورية، وبعد تصدع العلاقة بين عون وفرنجيه، فضلاً عن الرمايات الاعلامية من جانب التيار الوطني الحر باتجاه بكركي مؤخراً.
ويُنسب الى وزير في كتلة التغيير والاصلاح، ارتياحه لترشيح فرنجيه، بعد غياب امكانية وصول العماد عون، الذي هو قريب منه، لثلاثة أسباب:
الأول دحض حجة ١٤ آذار برفض مرشح متحالف مع النظام السوري وحزب الله.
الثاني: جعل هذا الفريق، أي فريق ١٤ آذار، ملتزماً بنادي المرشحين الموارنة الأقوياء وحدهم.
الثالث: ان من صنعوا هذا الترشيح لسليمان فرنجيه، لم يستطيعوا ضرب فريق الثامن من آذار…
هذه القراءة للوزير المقرَّب، خاضعة للمراجعة بالطبع، خصوصاً في بنديها الثاني والثالث، فالالتزام الوارد في البند السببي الثاني، بنادي الأقوياء، يدحضه استمرار حديث ١٤ آذار ومعها تيار المستقبل، عن المرشح الوسطي، بالتوافق مع فرنجيه حال تعذر المتابعة به شخصياً.
والحديث في البند الثالث عن عدم استطاعة صانعي ترشيح فرنجيه ضرب الثامن من آذار، يغالطه الواقع القائم بين العماد عون وفرنجيه وبين العماد عون والبطريرك الراعي، في الوقت الذي كان فيه رجالات ١٤ آذار يلتقون باحتفال ذكرى اغتيال الوزير محمد شطح أمس، ويصفقون للرئيس فؤاد السنيورة وهو يعلن استمرار تماسك ١٤ آذار مع توجيه التحية للرئيس سعد الحريري وللدكتور سمير جعجع…