Site icon IMLebanon

تفاؤل ولكن؟!

 

جميع المسؤولين بدون استثناء متفقون على أن لبنان يمر في ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة، إلا أنهم ما زالوا مختلفين على السبل الواجب إعتمادها لتخطي هذه الظروف وإعادة العافية، إلى الاقتصاد الوطني وقطاعات الإنتاج، وما النقاشات البيزنطية التي تدور في مجلس الوزراء وفي لجنة الطوارئ المنبثقة عنه، إلا أكبر دليل على حجة ما يقال ويتردد على كل شفة ولسان سواء في الداخل أو في الخارج عن هذا الاختلاف، ناهيك عن التقارير التي صدرت عن المؤسسات الائتمانية وعن البنك الدولي التي وضعت لبنان على قاب قوسين أو أدني من الدول الفاشلة، في وقت فقد اللبنانيون الذين نزلوا إلى الشارع والذين يستعدون للحاق بهم على وقع ارتفاع منسوب المطالبة باستقالة الحكومة، بعدما عجزت عن اجتراح الحلول اللازمة للخروج هذه الحالة التي هي في الأساس مسؤولة عنها كونها تمثل الطبقة السياسية الحاكمة منذ عشرات السنين، ويرجح أن ترتفع أكثر أثناء مناقشة موازنة العام المقبل في جلسات مجلس النواب التي ستعقد خلال الأيام القليلة المقبلة، إذا وفت الحكومة بالوعد الذي قطعته باحالتها إلى الهيئة التشريعية العامة ضمن المهلة التي نص عليها الدستور أي في أول ثلاثاء بعد منتصف تشرين الأول الجاري. إلا إذا نزل الوحي في آخر دقيقة أو حصلت أعجوبة في هذا الزمن التعيس أو ألهم الله أهل السلطة التخلي عن مناكفاتهم وخلافاتهم، والتعاون بجدية فيما بينهم لتحقيق الإصلاحات التي يطلبها المجتمع الدولي كشرط أساسي لمساعدته على تجاوز خطر الانهيار الاقتصادي والمالي، والنهوض من جديد على قواعد وطنية وليس على أساس تقاسم الدولة ودفعها مجدداً نحور الإفلاس كما هو حاصل اليوم.

 

يبدو أن الرئيس الحريري فقد الأمل بهذه الطبقة التي استولت على السلطة منذ عشرات السنين وربما يكون أيضاً فقد الأمل بتحقيق الإصلاحات التي يطلبها المجتمع الدولي و«سيدر» من لبنان لكي يقدم له الهبات والمساعدات والقروض التي تخرجه من وضعه المأزوم، ما زال يحاول على كل الصعد، إنقاذ بلده من السقوط، سواء مع دول العالم أو مع الدول العربية ولا سيما الخليجية منها، وليست مشاركته في مؤتمر الاستثمار الاماراتي – اللبناني في أبوظبي سوى اصراره على انه لا يزال هناك أمل بالحصول على الدعم العربي لإنقاذ الدولة، ومن دون أن يتكرر وجود أسباب داخلية جعلت الدول العربية أن تكون حذرة من التعامل مع لبنان الدولة، لأنه خرج عن سياسته المعتادة، وهي عدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول كما هو حاله اليوم، بالرغم من اعتماده سياسة النأي بالنفس وعدم الدخول في المحاور، لكن ثمة شكوك كبيرة في كلام الرئيس الحريري عن تمسك الدولة بسياسة النأي بالنفس في ظل وجود قوى داخل الحكومة أصبحت جزءاً من منظومة إقليمية غير معنية بلبنان إلا بما يتناسب مع مصالح ومطامح هذه المنظومة.