IMLebanon

خيارات وأسئلة  ما بعد داعش

مرحلة ما بعد داعش تشغل كل القوى كما شغلتها مواجهة داعش. لكن الحسابات ليست واحدة في الاستعداد لما بعد هزيمة التنظيم الارهابي. ولا كانت واحدة حتى بين الأعضاء في ثلاثة تحالفات دولية لمحاربة الارهاب خلال السنوات الثلاث من عمر دولة الخلافة الداعشية. فضلا عن أن إيقاع المعركة في العراق، حيث نشأ داعش وأعلن الخلافة من جامع النوري في الموصل، أسرع منه في سوريا، حيث جعل الرقة عاصمة الدويلة المسماة اسلامية.

وليس خارج المألوف في الشرق الأوسط ان يستعجل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اعلان نهاية دويلة الخلافة التي تسميها بغداد دويلة الخرافة. فهو يرى داعش جزءا من أنقاض جامع النوري الذي وصلت اليه القوات المسلحة العراقية بدعم أميركي وايراني في معركة استغرقت شهورا لاستعادة ما خسرته في يوم خلال رئاسة نوري المالكي: الموصل ولو مدمّرة. ولا يبدّل في الأمر ان داعش الذي يواجه في الرقة حصار قوات أغلبيتها كردية بدعم أميركي لا يزال يسيطر في سوريا والعراق على مساحة في حجم بلجيكا.

ذلك ان هزيمة داعش صارت محسومة بما يوحي ان وظيفته انتهت. لكن ما تفرضه مرحلة ما بعد داعش من استنفار في المنطقة والعالم يبدو أشد مما فرضته سياسات محاربة الارهاب. ففي لبنان نجاح أمني في كشف الخلايا الارهابية واصطياد الارهابيين، واستنفار تحسبا لتسلل عناصر ارهابية الى البلد بعد سقوط داعش والنصرة في سوريا. وفي روسيا وأميركا وأوروبا تعاون أمني وخطط لمنع عودة الارهابيين الى البلدان التي جاؤوا منها، بعد رهانات على قتل هؤلاء جميعا في العراق وسوريا. ولم يكتم وزير الدفاع الأميركي الجنرال ماتيس القول ان بلاده ستمارس سياسة إبادة داعش. وفي تركيا وايران والسعودية وقطر ومصر والأردن واسرائيل نظرة الى إغلاق طريق الارهاب ونظرة الى توزع الحصص والنفوذ على الخرائط، وان كان مدير اللعبة وموزع الحصص هو الثنائي الروسي – الأميركي.

لكن أخطر ما يحدث هو تجاهل الأسباب والعوامل التي قادت الى نشوء داعش ونموّه في أرض خصبة. فماذا يعني الاكتفاء بانهاء دولة الخلافة الداعشية عسكريا؟ ماذا يعني الإبقاء على الأوضاع السياسية والمداخلات الأجنبية والاحتفالات المذهبية والاستئثار بالسلطة والخوف من مواجهة التأويل المتطرف للفقه في الخطاب الديني وكل الأمور التي أنتجت داعش والقاعدة وسواهما؟ لا أحد يجهل ان الجواب هو نشوء تنظيمات أشدّ تطرفا من داعش. ولا شيء يوحي، حتى اشعار آخر، ان الحلول السياسية الحقيقية صارت على جدول الأعمال لا جدول الأقوال.