IMLebanon

صراع الخيارات يُعرقل الوصول الى بعبدا؟!

لو أن الحوار بين حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، يقتصر على دفن خلافات الماضي، وتنقية الذاكرة، وفتح صفحة جديدة من التنافس السياسي القائم على احترام الحرية والديموقراطية واخلاقية التعامل، والتعاون الكامل للمحافظة على الوجود المسيحي في لبنان والشرق، وضمان حقوق المسيحيين في الدولة اللبنانية لكان هذا الحوار، الذي يتمتع بتأييد 90 في المئة من المسيحيين، قد وصل الى خواتيمه الايجابية السعيدة بمدّة اقصر بكثير من المدّة التي يستهلكها حوارهما اليوم، بسبب صراع الخيارات والمفاهيم، القائم بين الحزب والتيار، على اقلّه منذ عشر سنوات، حول الدولة والسلاح خارجها، والانعماس في سياسة المحاور، وكيفية معالجة صراع لبنان مع الكيان الاسرائىلي، ومع التنظيمات الارهابية، ولم يعد سراً ان الخلاف على هذه الخيارات والمفاهيم بين القطبين المسيحيين، هو الذي يعوق وصولهما الىj فاهم حول رئيس جديد للجمهورية، ويغلق في الوقت ذاته الطريق الى بعبدا في وجه اي واحد منهما، بمثل ما يغلقها في وجه المرشحين «القوميين» الآخرين، الشيخ امين الجميل، والنائب سليمان فرنجية، من باب ان لبنان مقسوم الى قوتين متعادلتين، 14 و8 آذار، وكل قوة تضع «فيتو» على مرشحي القوة الثانية، استناداً الى اختلاف الخيارات والمفاهيم حول القضايا الاساسية المتعلقة بالكيان والدولة والوطن، من هنا، يمكن فهم لماذا نجح الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله في اخذ خطوات مؤثرة على صعيد الأمن وتخفيف التوتر المذهبي، ويراوح مكانه بالنسبة الى سلاح المقاومة والانغماس في حروب الآخرين، والتفاهم على استراتيجية وطنية تضم الجميع لمقاومة خطر التنظيمات التكفيرية الارهابية لان الطرفين على ما يبدو توافقا على «ربط نزاع» حول هذه القضايا الشائكة، والاهتمام بالقضايا الثانوية الاخرى الى اجل غير مسمى، الواقع الذي لا ينطبق على الحوار بين القوات والتيار، على اعتبار ان الدكتور سمير جعجع، هو قطب اساسي وفاعل في قوى 14 آذار، وملتزم بطروحاتها وثوابتها، وبالتالي هناك صعوبة بالغة، ان لم يكن استحالة، ان يقبل بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وهو الحامل طروحات وثوابت ومفاهيم 8 آذار عموماً وحزب الله خصوصاً، وبما ان التيار الوطني يطالب بأن تشمل ورقة «النيّات» اولاً والتفاهم لاحقاً، جميع القضايا المطروحة بما فيها موقف جعجع من ترشح عون للرئاسة الاولى، يتعثّر الحوار بين الرجلين، لتسمك كل منهما بما هو مقتنع ومؤمن به، ومن الافضل، ضناً منهما بالمصلحة المسيحية والوطنية، ان يحيّدا حوارهما عن موضوع الرئاسة الشائك، طالما ان طريق بعبدا، غير معبدة لأي من المشرحين الاربعة الاقوياء، مثلما حيّد تيار المستقبل وحزب الله نفسيهما عن الملفات الساخنة، القادرة على حرق حوارهما في اي وقت.

****

بعد لقاء العماد عون ورئىس الحكومة الاسبق سعد الحريري في بيت الوسط، وحفاوة الحريري بضيفه، لم يصدر عن الجانبين اي تصريح يشير الى تفاهم او عدم تفاهم، او تريث بخصوص منصب رئاسة الجمهورية، الا انه كان لافتاً بالامس تصريح لوزير الداخلية نهاد المشنوق للزميلة السفير، رأى فيه ان العماد عون امام خيارين، اما تسمية مرشح يقبل به، لأن اي ترشح يشطبه عون لا امل له بالرئاسة نظراً لتمثيله من جهة وتحالفاته من جهة ثانية، واما التحول الى مرشح وفاقي، وهذا امر لم يحصل بعد.

اذا كان تصريح الوزير المشنوق يعكس موقف كتلة تيار المستقبل، فان خيار المرشح الوفاقي، يتطلب مواقف علنية من عون بتغيير او تجميد بعض خياراته ومفاهيمه وتحالفاته، فهل يقدم الجنرال على هذه الخطوة، ام يختار الخيار الآخر القاضي بتبنّي ترشيح شخص تنطبق عليه مواصفات المرشح الوفاقي؟!