Site icon IMLebanon

خيارات «الكتائب» الرئاسية والانفتاح المتدرج على الآخرين؟!

قد يكون من اللافت للأنظار اعتماد حزب الكتائب وسيلة «خالف تعرف» ليحفظ لنفسه موقعاً مؤثراً في المجريات والاستحقاقات السياسية، بل وفي الحياة السياسية اللبنانية عموماً.. وفي البيئة الشعبية، التي ولد ونما في داخلها منذ أكثر من خمس وستين سنة، وهي تفلت من بين يديه على نحو غير مسبوق، لصالح آخرين، بعضهم ولد من رحم الكتائب كـ»القوات اللبنانية»، على سبيل المثال لا الحصر.. وبعضهم الآخر، ولد من رحم الخصومة والصراع مع الحزب لصالح العماد ميشال عون..

لا تجد قيادات «الكتائب»، الجديدة الشابة، وتلك التاريخية المعمّرة، حرجاً في أنها التزمت خط «عكس السير»، في مواجهة التحالف المستجد بين «القوات» و»التيار الحر».. وهي ترى في هذا مديحاً لا ذماً، وتأخذ على الآخرين أنهم، وعلى الرغم مما تكون حولهم من شعبية حاضنة ووازنة ومؤثرة منهم في النهاية «مجموعة اتباع» وملحقين.. الجنرال عون ملحق بـ»حزب الله»، و»القوات اللبنانية» بتيار «المستقبل» من قبل ان تنكسر الجرة بين الرئيس سعد الحريري وسمير جعجع، على خلفية تبني الحريري رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية مرشحاً لرئاسة الجمهورية في مواجهة عون..

تصوّب قيادة «الكتائب» تحديداً على الثنائي عون – جعجع، وما صدر عن لقاءاتهما المتتابعة، عبر ممثليهما، او عبر لقائهما المباشر، وتحديداً «لقاء معراب» الذي شكل في قراءة عديدين، نقلة نوعية في خريطة الحسابات وموازين القوى السياسية، ليس في البيئة المسيحية الحاضنة فحسب، بل عابرة للطوائف والمناطق، وان بنسبة متدنية.. وحزب الكتائب، يبحث بـ»السراج والفتيلة» عن «لقطة لافتة» تساعدها في اعادة بناء شعبيته وتعزيزه وتوسيع شبكة انتشارها واستعادة ما كانت خسرته لسنوات سابقة، وهو، أي الحزب، لا يوفر مناسبة، او وسيلة إلا ويحاول الافادة منها، وبأقصى ما يمكن، لحشر «الحليفين الجديدين» في «بيت اليك»، و»التشويش» عليهما في رسائل مشفرة، موجهة الى كل من له علاقة بأحد الاثنين.. عون او جعجع؟! وتحديداً «حزب الله» و»المستقبل».

يسلم الكتائب، ان السنوات الماضية ساعدت جعجع، كما عون على قطف ثمار زرعها آخرون.. وقد عزز من التباعد، حملة التشويش والتشويه الاعلامي لصورة الكتائب على ما يقول ويعترف رئيس الحزب النائب سامي الجميل، وريث الرئاسة عن أبيه وجده.. وإذ يسلم الكتائبيون ان الرهان على العماد عون هو في غير محله، وهو منذ زمن «خاتم في اصبع «حزب الله..» إلا ان «عقدة العقد» تبقى في نظرة «الكتائب» الى «القوات اللبنانية» التي ولدت من رحم حزب «الكتائب» ونمت وترعرعت في بيئة وبدعم منه سياسي ومالي ومعنوي وعسكري.. وهي خلاصة لا تقبل بها قيادات «القوات» التي تعتبر ان نشوء القوات ونموها وتوسعها الشعبي والسياسي ما كانت لتكون لو ان حزب «الكتائب» بقي وفيا لبيئته ولم يستسلم للارادات الخارجية، في صفقة الحلول السياسية، التي قيل إنها أوقفت الحرب في لبنان، وهي في الواقع لم تكن إلاّ على حساب المسيحيين وتحديداً الموارنة منهم..

ارتفع منسوب الغضب الكتائبي أكثر وأكثر، مع اعلان «لقاء معراب» الأخير، وتبني سمير جعجع، باحتفالية لافتة، ترشيح «منافسة» العماد عون، الذي كان ولايزال يصنف في خانة 8 آذار، التي يقودها عملياً «حزب الله»، في وقت يتجنب هو، أي عون، الاعتراف بذلك، ويقدم نفسه على أنه «الرئيس القوى بشعبيته ومواقفه وتاريخه..» لا بقوة غيره؟!

تعود قيادة الكتائب الى نغمة، «حياد لبنان».. وهي تستغرب كيف تتمسك «القوات اللبنانية» وبعض قيادات 14 آذار، بمرشحين من 8 آذار ويقبلون بمعادلة رئيس للجمهورية من 8 آذار، ورئيس المجلس النيابي من 8 آذار، مقابل رئيس للحكومة من 14 آذار، لتخلص الى القول ان ذلك، ان صب في شيء فإنه سيصب في إصفاف رئيس الحكومة السني…

الانفتاح المتدرج لحزب الكتائب على «دار الفتوى» السنية يأتي في سياقين متلازمين: تقديم أوراق اعتماد الرئيس أمين الجميل «كمرشح أساسي وأصيل» للحزب بديلاً من عون او جعجع او أي مرشح آخر.. وقطع الطريق على أي آخر أمام هذا الاستحقاق، بتدعيم التواصل مع دار الفتوى «من أجل خلق حالة وفاقية، وتعزيز العلامة الودية بانتظار المرحلة التي يجد فيها الحزب جدية كافية في موضوع الانتخابات الرئاسية..».

لم يكن بمقدور الكتائب ان يبتلع ترشيح عون، ولا ترشيح جعجع.. ولم يكن بمقدوره استيعاب تبني جعجع ترشيح عون، وهو يعرف ان فرص وصول أي منهما شبه معدومة، وهو، أي حزب الكتائب لا يتوانى لحظة عن تحميل رئيس «القوات» مسؤولية عرقلة الوصول الى «رئيس توافقي»، والشيخ أمين الجميل كان في مقدمة هؤلاء، كما لا يتوانى، من «وراء الستار» عن الغمز من ناحية «المستقبل» بترشيح النائب فرنجية، الذي هو والعماد عون من «معجن واحد» هو 8 آذار.. ولا يراهن الحزب على جلسة 8 شباط الرئاسية، وهو كما سواه، يرى ان الأجواء الدولية والاقليمية لا تساعد على انجاز هذا الاستحقاق في وقت قريب، وتأسيساً على هذا، فهو «يزرع شتله» في أرض الآخرين، بانتظار اللحظة، وهو اعتمد صيغة الانفتاح على الجميع.. فـ»المستقبل» كما «حزب الله» كما «أمل» والنائب جنبلاط هم مكونات لبنانية أساسية و»نحن نحتاج لأن نتفاهم جميعاً، وفق أسس جديدة، حيث لا يمكن للبنان ان يستمر بهذه الادارة الخاطئة، على ما يقول رئيس الحزب سامي الجميل، ويرد عليه قياديون سابقون وحاليون من بيئات مختلفة «من جرّب المجرب..» والباقي عنده؟!