صناديق انتخابات «التيار» تفتح أواخر شهر نيسان
الديموقراطية «البرتقالية»: نسبية وكوتا نسائية ورئيس غير متفرّد
صار بإمكان «البرتقاليين» المشككين في إمكانية قيام حزبهم من جديد، استخدام «إصبع توما» للتأكد من أنّ «التيار» الذي صار عمره ربع قرن، سيجدّد شبابه انتخاباً، هذه المرة، بعد خضوعه لاختبار حقيقي، هو الأول من نوعه، في صناديق الديموقراطية المسؤولة بشكل مباشر عن فرز الهيكلية الحاكمة للتنظيم.
اعتقد بعض الناشطين أن الجولة الأولى التي سجّلتها ولادة النظام الداخلي الجديد، لن تصمد كثيراً أمام محاولات إبقاء الواقع على حاله. كما عادوا وتخيلوا أنّ هذا النظام لن يسلك طريقه إلى وزارة الداخلية، إلا بعد أن يفقد بعضاً من جوهره الديموقراطي، فيحافظ على الديكور من دون نكهة في المضمون.
مرة ثانية، أصيبت توقعات المراهنين على ترهّل «التيار»، بالخيبة. وإذ بالنظام يخرج حياً سليماً من الصنائع ليصبح شاهداً، لا بل حاكماً بأمر «التيار الوطني الحر» في ولادته الثانية، التي ستتم على يدّ «قابلة» الصناديق.
قاعدتان أساسيتان، يحلو للعونيين المفاخرة بهما أمام أبناء جيلهم من المحازبين:
مبدأ الانتخاب «الذهبي»، حيث يفترض بكل الهيئات التنظيمية أن تعبر ممره الإلزامي كي تصل إلى مواقع السلطة، بدءاً بالهيئات المحلية وصولاً إلى رأس الهرم الممثل بالرئيس، مروراً بالجناح الشريك في السلطة، أي المكتب السياسي.
أما المبدأ الثاني فهو «ميزان» توزيع الصلاحيات بين «أجنحة السلطة» للحؤول دون تفرد أحدها بالقرار، وتحديداً بين رأس الهرم وذراعه السياسية، أي المجلس السياسي، و «البرلمان» أي المجلس الوطني.
يُعتبر المجلس السياسي هو السلطة السياسية في الحزب، كما جاء في النظام، ويضمّ رئيس الحزب، نائبي الرئيس، النواب الحاليين، الوزراء الحاليين، ثلاثة أعضاء يعينهم رئيس الحزب وتسعة أعضاء ينتخبهم المجلس الوطني من خارج أعضائه. وهو يتولى رسم السياسة العامة للحزب، وتنفيذها.. ويأخذ قراراته بالتوافق.. وإلا بالأكثرية المطلقة.
في المقابل، فإنّ المجلس الوطني هو الساهر، رقابةً ومساءلةً، على هذه السياسة. ويمكن له وفق إحدى صلاحياته مناقشة وإقرار السياسة العامة الداخلية والخارجية والبرنامج الانتخابي العام للتيار، وطرح الثقة بالرئيس أو أحد نائبيه.
ولهذا ستكون الانتخابات الحزبية أول محطة جدية على طريق إعادة مأسسة «التيار»، حيث ينتظر أن تُفتح صناديق الاقتراع أواخر شهر نيسان المقبل ليختار «التياريون» أربع لوائح: الهيئات المحلية، هيئات الأقضية، لائحة الأعضاء المنتخبين إلى مجالس الأقضية، وممثلة المرأة في المجلس الوطني.
بالمبدأ لن تكون للرئاسة حصة في هذا السباق، طالما أنّ النتيجة محسومة سلفاً لمصلحة الجنرال ميشال عون الذي ارتأى تأجيل «تقاعده الحزبي» إلى مرحلة لاحقة يكون فيها «التيار البرتقالي» قد استعاد عافيته التنظيمية ودورته الطبيعية.
ستجري الانتخابات في يوم واحد، لم يحدد بعد، على أن يفتح باب الترشيحات أواخر الشهر الحالي بعد الانتهاء من تنقيح لوائح الشطب. مناطقياً، سيصار إلى إنشاء مراكز اقتراع في الأقضية وفقاً لحجم كل قضاء وطبيعته الجغرافية، حيث سيتراوح الحجم بين مركز واحد وأربعة مراكز.
في هذه الأثناء يتمّ تدريب محازبين للقيام بدور رؤساء أقلام ومساعدين لهم. كما سيُصار إلى شرح الآلية الانتخابية، التي يتباهى بها العونيون، كونها ستسمح بإدخال النظام النسبي إلى الثقافة الانتخابية، وتحديداً على مستوى الهيئات المحلية الكبيرة، وهي ستتم على الشكل الآتي:
– الهيئة المحلية، وهي أصغر وحدة حزبية، حيث يقلّ عدد المنتسبين عن عشرة، سيصار إلى انتخاب منسق عنها، فيما الهيئة التي تضمّ بين 11 و20 منتسباً سيصار إلى انتخاب منسق ومساعدين. كذلك الأمر بالنسبة للهيئة التي تضم بين 21 و50 منتبساً التي ستتمثل بمنسق وأربعة مساعدين. وفي هذه الهيئات كلها سيصار إلى اعتماد النظام الأكثري على قاعدة اللوائح المكتملة والمفتوحة.
– الهيئة المحلية التي تضم بين 51 و100 منتسب سيصار إلى انتخاب سبعة ممثلين، ضمن لوائح مكتملة ومقفلة وفق النظام النسبي مع صوتين تفضيليين ربطاً بالموقع، على أن يكون انتخاب المنسق واثنين من مساعديه على قاعدة النظام الأكثري.
– هيئة القضاء تتألف من 13 عضواً يصار إلى اختيارهم وفق لوائح مقفلة مكتملة على أساس النظام النسبي مع صوتين تفضيليين، باستثناء المنسق واثنين من مساعديه.
– أربعة أعضاء إلى مجلس القضاء وفق النظام الأكثري.
– ستتقدم العونيات على رفاقهن الشباب باختيار ممثلة لهن للمجلس الوطني.
في هذه الأثناء، يتمّ تجديد البطاقات الحزبية كي يحق لحاملها ممارسة حقه الديموقرطي. وهنا سيكون التحدي الأول أمام «التيار» لإعادة الحماسة إلى كل الذين انكفأوا خلال السنوات الأخيرة لاستعادة نشاطهم الحزبي وحيويتهم للدخول في المسيرة المتجددة.
أما الاستحقاق الثاني والذي ينتظره العونيون، فيتمثل باختيار أعضاء المجلس السياسي، حيث سيتولى المجلس الوطني هذه المهمة. ولتلك اللعبة قواعد وحسابات وموازين قوى مختلفة، انطلاقاً من مبدأ الناخبين الكبار في المجلس الوطني، حيث يحتسب كل خمسين ملتزماً في القضاء صوتاً واحداً في المجلس. ما يعني أنّ منسقي أقضية جبل لبنان، وتحديداً المتن وكسروان، هم الأكثر تمثيلاً بين رفاقهم، وبالتالي أكثر تأثيراً على خارطة التحالفات التي ستنشأ يومها.