قد لا يكون ما أدلى به القيادي العوني نعيم عون في إطلالته التفزيونية الأولى، عبر شاشة «الجديد»، أمس الأول، مفاجئاً بالنسبة لرفاقه الذين يشاركونه الانتقادات من أداء قيادة «التفردي» ونهجها «الإقصائي»، كما يرون، لكنه أطلق العنان لما يشبه «الحركة التصحيحية».
كان يكفي رصد تفاعل بعض الجدران الافتراضية البرتقالية مع «قنابل» ابن شقيق «الجنرال» للتأكد من أنّ القواعد العونية باتت منقسمة بين مؤيد للخطاب «الإصلاحي» الذي ينادي به القيادي نعيم عون ورفاقه وهو قائم على تحييد العماد ميشال عون، وبين مدافع عن القيادة وتحديداً عن جبران باسيل، في سياق «حرب كلامية» لم تخلُ من الشتائم أو الاتهامات، وفي مشهد لم يسبق لـ «التيار» أن شهده منذ تأسيسه قبل نحو ربع قرن من الزمن.
هكذا تحوّلت قضية القيادي البيروتي زياد عبس الى «شحمة على فطيرة» انتظرها المعارضون كي يرفعوا صوتهم الى العلن، بعدما كان أسير الجدران المغلقة، وبعدما أغلقت أبواب ونوافذ الحوار ضمن الحزب نفسه على حد تعبير نعيم عون.
وبالفعل أتت قرارات تجميد عضوية المسؤولين البيروتيين لتعيد السجال حول مصير «الشراكة» في الحزب وكيفية تطبيقها، الى نقطة الصفر بعدما تأكد للمعارضين، كما يقولون إنّ لا مكان لهم على الطاولة. ولا بدّ بالتالي من استراتيجية جديدة تجعل منهم شركاء، «لا شهود زور»، على حد تعبيرهم.
هكذا، يُفهَم من خروج نعيم عون عن صمته، أنّه يشكل نقطة انطلاق حركة الاعتراض العونية لتعبّر عن نفسها بشكل أوضح في وسائل الإعلام التقليدية والافتراضية تمهيداً لخوض الاستحقاق النيابي التمهيدي ولو من دون اصطفاف سياسي واضح بين مرشحي سلطة (في التيار) ومرشحي معارضة، أسوة بالمعركة التي خيضت في بعض المناطق خلال الانتخابات الحزبية الداخلية.
ولهذا سيكون التركيز خلال المرحلة المقبلة على تكثيف الإطلالات الإعلامية للشخصيات المعارضة لعرض أفكارها أمام الرأي العام وشرح مقاربتها للوضع التنظيمي، والتأكيد أمام المصطادين بالماء العكر، أنّ ما يدفعها الى الخندق المعارض ليس الخلاف مع الجنرال ميشال عون حول الخيارات الاستراتيجية الكبرى، وإنما الخلاف الجذري مع القيادة الحالية إزاء مستقبل المؤسسة الحزبية وبالتالي مستقبلهم.
بهذا المعنى، لا يعوّل المعارضون على الانتخابات التمهيدية المنتظرة كي يحققوا «انتصاراً» قوياً بوجه خصومهم، لأسباب عدة منها، آلية الاختيار التي لا تحتمل تشكيل لوائح أو تبادل الأصوات، ومنها مرتبط بتعدد الترشيحات المعارضة والقريبة من المعارضين، ومنها له صلة بعامل الزمن الضيق.
قد لا يتأثر المعارضون بقرار لجنة درس الترشيحات التي ستقول كلمتها خلال الساعات المقبلة من طلبات الترشح التي رفعت إليها والتي أقفل بابها يوم الجمعة الماضية، مع أنّ بعض المعارضين يتحدثون عن تجاوزات للآلية، وتحديداً عن ترشيحات لا تستوفي الشروط الموضوعة (شرط عضوية السنتين وشرط الشهادة الجامعية) وثمة اتجاه لقبولها.
ومع ذلك، سيكون لمعركة بيروت في دائرتها الأولى المعنى الأكثر عبرة، حيث سيخوض زياد عبس معركته الانتخابية حتى لو كان ترشيحه «غير شرعي»، لكن اسمه سيكون حاضراً في صناديق الاقتراع حتى لو تمّ إبعاده عن حلبة الترشح، وسيسعى مؤيدوه لتوجيه رسالة من خلال «السكور» العالي الذي سيسجله في الانتخابات التمهيدية في 30 تموز.