Site icon IMLebanon

«السباق البرتقالي» ينطلق: حظر إعلامي وتأخير الآلية!

يتعامل العونيون مع استحقاقهم الداخلي، على أنه حاصل وفق المواعيد التي حددها التعميم الداخلي الأخير، أي 20 ايلول المقبل. صحيح أنّهم «ملدوغين» بفخ التأجيل الذي يلاحق ورشة التنظيم منذ أكثر من عشر سنوات، وتسكنهم الشكوك من امكان ترحيل الانتخابات مرة أخرى، مع أنهم متأكدون أنّها «شرّ لا بدّ منه»، لكنهم يحاولون الالتفاف على الحقيقة المرة ويجارون الرياح حتى لو خدعتهم.

هكذا، انطلق السباق، وللمرة الأولى يبدو التنافس جدياً، والحملة الانتخابية تسلك طريقها داخل البيت البرتقالي. لا تزال حتى الآن مكتومة داخل جدران بعض المقاهي والصالونات، لكن طبعاً، سيصعب حصرها في شرنقة الداخل، ولا بدّ لبقعة زيتها من أن تنفلش، خصوصا أن مطابخ سياسية داخلية وخارجية تواكب هذا الاستحقاق باهتمام بالغ.

هكذا، بدأ «جناحا» المواجهة في تحريك القواعد الحزبية. لقاءات مباشرة في المناطق، استنفار للمؤيدين ومساعٍ لاقناع المترددين.

حتى الآن لم يكشف الجناح المواجه لجبران باسيل ورقته. الآلية التطبيقية التي تأخر صدورها والتي يفترض اعلانها في الساعات المقبلة، قلصت مهلة الترشيح وهناك من يقول إنها ستقتصر على شهر واحد (20 آب بدل 20 تموز)، قبل الموعد «الكبير». ولهذا يترك للأرض أن تقرر من تريد أن يكون مرشحها للرئاسة.

طبعاً، لن يتمّ ذلك بنتيجة استطلاع للرأي أو أي مقياس علمي آخر، ولكن تفاعل القواعد مع الفريق الآخر هو الذي سيحدد من سيكون رجل الجولة الأخيرة في مواجهة جبران باسيل.

هكذا يتبين أنّ هناك ثلاثة أسماء أساسية مطروحة لهذا الموقع: النائب الان عون الذي جاهر برغبته في خوض هذا الاستحقاق، النائب زياد اسود الذي قال في جلسات مفتوحة إنه مستعد للمنازلة، والقيادي نعيم عون الذي يفترض كثيرون أنه الأكثر ملاءمة لهذه المعركة. ميزة الثلاثة أنهم يقيمون حسابات ستجعلهم في النهاية يقبلون بالاسم الذي يوفر أفضل الشروط في معركة تحديد خيارات «التيار الحر» في المرحلة المقبلة، وبالتالي فإنّ القرار النهائي لهذه المجموعة سيُترك للحظة المؤاتية بعد أن يتمّ التوافق على الاسم الذي يملك حظوظ النجاح والفوز.. «والأهم ضمان وحدة العونيين».

في المقابل، يبدو أنّ الرابية تخشى من سيناريو تدفق الصوت البرتقالي الى خارج الأسوار الداخلية، لذلك، ضمنت الآليات التطبيقية بنداً واضحاً يمنع فيه التداول بالأمور الداخلية عبر وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي. كما تحظر على المرشحين تنظيم تجمعات حزبية، مع أنّها من «ألف باء» المنافسة.

عملياً، لم تهضم معظم قواعد العونيين هذا الحظر في زمن سقطت فيه ورقة التين عن الخصوصيات الشخصية في ظل سطوة الإعلام الاجتماعي الذي يخترق همسات البشر وغرف نومهم، مع أنّ التنافس بين العونيين حتى في مسائلهم الداخلية الخاصة قد يكون فرصة لإثبات صفة الديموقراطية التي يفترض أنّ هذا الفريق يتحلى بها ويفاخر باعتمادها أمام النماذج الحزبية الأخرى.

النقطة الثانية تتمثل في امتلاك جبران باسيل فرصة الاستفادة من موقعه السياسي الوزاري، بحيث يستطيع أن يجول علنا على كل منسقيات «التيار» في كل الأقضية ويتحدث عن المعركة الداخلية، على مرأى من الإعلام، من دون أن يجادله أحد في ما إذا كان يقوم بجولات مناطقية بالصفة الوزارية السياسية أم بالصفة التنظيمية أم بالصفتين وما هو الحد الفاصل بين هذه وتلك؟

وينسحب هذا الواقع على الإعلام أيضا، وهنا يصبح السؤال هل أن ما يسري على الفريق الآخر يسري على باسيل بالنسبة لمقاربة الملف الداخلي إعلاميا؟

ولهذا يمكن للاستحقاق أن يكون مناسبة لاستعراض عضلات «التيار» الديموقراطية وقدرته على التحرر من القيود التي تفرضها الأحزاب الأخرى، ويمكن له أن يكون مضبوطاً بسقف معين أو متروكاً لمسؤولية المرشحين، لا أن يكون مخنوقاً تحت مسمى «الأمور الداخلية»، وكأن هناك ما تخجل منه القيادة وتخشى تفلت المنابر… لا سيما أنّ الحزب يلعب دوراً على صعيد الوطني ولا يفترض أن يحصر نفسه في عنق زجاجة المحازبين فقط.

ومع ذلك، فمن غير المتوقع أن يظل ما للتيار للتيار، خصوصاً أنّ الفريق المواجه لباسيل يعوّل على تقدمه في السباق، بواسطة المشروع الذي يحمله والذي يعتقد أنّ بامكانه بلوغ شاطئ الانتصار، على متنه.

في المقابل، فإنّ باسيل يقدم نفسه على أنه يمثل «المشروع والمشروعية»، ولهذا غسل يديه من كل الفوضى التي «مسخت» التنظيم في السنوات العشر الأخيرة، ويطلب «ثقة» من المحازبين يعدهم بتحويلها إلى انجازات في حال انتخابه رئيساً، وهو يردد أمام الجميع أن الانجازات تتحدث عن نفسها.

أما الفريق الآخر، فيتسلح بالمبادئ التي لطالما نادى بها «الجنرال» طيلة ربع قرن من الزمن، ويمسك هؤلاء بأيديهم مشروع النظام الداخلي الذي حاربوا سنوات لأجله والقائم في جوهره على فكرة الشراكة والممارسة الديموقراطية التي تحول دون اختزال الحزب بشخص واحد بل وضعه على سكة المؤسسة الديموقراطية العريقة.

يردد هؤلاء أنهم يخوضون المنافسة بعقل واحد وقلب واحد وفريق واحد وعلى أساس أنها استفتاء بين نهجين ومفهومين لقيادة الحزب، من دون إنكارهم أن الخيارات الإستراتيجية لم تكن في يوم من الأيام موضع خلاف بين العونيين.

حتى الآن يقول ميشال عون لسائليه انه يقف على الحياد لانه يعرف جيداً أنّ انحيازه لن يكون صحياً لبنية «التيار الحر» وسلامته ومستقبله. ولكن المجموعة التي تدور حول جبران باسيل تصرّ على تغليف كلامها امام الناشطين بعبارة «هذا ما يريده الجنرال»… هل فعلا هذا هو ما يريده ميشال عون أم أنه يريد أن يرى في حياته مؤسسة حزبية عريقة بممارستها ولا تشبه كل المؤسسات الحزبية في لبنان؟