IMLebanon

تنظيم عبور السوريين «يعبر».. وفق قواعد التعامل الإنساني

 

ربى كبّارة

أثارت إجراءات الحكومة اللبنانية الاخيرة لتنظيم دخول السوريين، لجوءاً او اقامة او استشفاء او عملا او حتى عبورا الى دول اخرى، جملة انتقادات داخلية وخارجية. وقد تجلّت الداخلية منها خصوصا في غضب الدائرين في فلك بشار الاسد من خسارة فرصة لفرض التنسيق مع الحكومة السورية، فيما تميزت الخارجية منها بالتحفظ وحتى بالحذر خشية احتمال اضافة تحديات جديدة إلى محنة اللجوء.

وتتضح نقمة انصار النظام السوري من استعراض موجز لبعض المواقف من إجراء ألصقت به صفة «فيزا» او «تأشيرة» من دون ان يكون المصدر سفارة، وانما هو مجرد اجراء حدودي حددته وزارة الداخلية ويطبقه الامن العام الذي ترأسه شخصية غير معادية للنظام السوري.

فتطبيقاً للمثل القائل «خذوا اسرارهم من صغارهم» رأى تجمع هامشي يحمل اسم «رابطة الشغيلة» في الاجراءات التي بدأ تطبيقها مطلع الاسبوع الجاري سابقة خطرة» و «اجراءً عنصرياً»، مشددا على ان الحدّ من الدخول كان يتطلب تنسيقا مع الدولة السورية. وفصّل النائب السابق ناصر قنديل آلية تتضمن لقاء رئيسَي الحكومة بحضور وزيرَي الداخلية والمدير العام للامن العام اللبناني ورئيس شعبة الامن السياسي السوري بحضور سفيرَي البلدين. واعتبر اللواء المتقاعد جميل السيد الاجراء «مخالفا للتاريخ والجغرافيا»، فيما رآه السفير السوري علي عبد الكريم علي «غير مقبول اخلاقيا» ولوّح، بتهديد مبطن، باحتمال اغلاق الحدود امام الشاحنات اللبنانية.

أما «قوى 14 آذار» فقد رحبت، بكل مكوّناتها، بالاجراءات التي ما كانت، وفق متابع بدقة لمراحل الثورة السورية منذ بداياتها قبل نحو اربعة اعوام، لتكون صارمة الى هذا الحدّ لو لم تتقاعس الحكومة السابقة متلطية بشعار «النأي بالنفس» عن فرض اي نوع من انواع التنظيم والرقابة.

حتى الوسطيين لم ينتقدوا هذه الاجراءات التي حتّمها وجود «ارهابيين» في تجمعات اللاجئين كما تجلّى الامر في ما شهدته عرسال مطلع آب الماضي، اضافة الى تقليص المجتمع الدولي مساعداته بذريعة «نقص التمويل». فقد اقرّ مثلا الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط بعجز البلد عن تحمل هذا الكمّ، واكتفى بالدعوة الى التشدد في التمييز بين اللاجئ الجدّي والآلاف الذين تقاطروا الى سوريا لانتخاب بشار الاسد.

ومن دون اعتماد احصاءات نهائية، تدلّ الارقام على ان اللجوء السوري المسجل تخطى نسبة ربع السكان، وهو موزع على اكثر من الف تجمع عشوائي. ومن «اللاجئين» الهارب فعلا من وحشية النظام او ذاك الذي اصبح من دون مأوى، لكنهم تقاطروا الى لبنان ليس فقط من المناطق المحاذية وانما لتلك الحدودية مع تركيا او الاردن. ويعزو المصدر هذا «التفضيل» لغياب اية رقابة على الداخلين سواء عبر المعابر الشرعية او غير الشرعية المنتشرة بكثرة بما سمح لـ«المندسين»، سواء من الارهابيين او من عملاء النظام، بالتسلل خصوصا بعد عسكرة الثورة السورية بسبب تلكؤ الغرب في دعم المعارضة المعتدلة وبسبب تفاقم وحشية النظام وصولا الى استخدامه البراميل المتفجرة وقبلها السلاح الكيماوي.

اما ردود الفعل الخارجية فتميزت بالحذر من دون ان تدين الاجراءات الاخيرة والتي لم تكن اول خطوة للحد من التدفق. فقد سبقها بأشهر قليلة اجراء سحب صفة النزوح، التي تعطيها «المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة»، عن كل من يتنقل بسهولة بين البلدين ويأتي طمعا بالمساعدات الدولية مثلا.

فإضافة الى المفوضية الاوروبية، أعربت الخارجية الاميركية مثلا عن القلق من ان يؤدي الامر الى زيادة التحديات التي يواجهها اللاجئون، ودعت الحكومة الى التنسيق مع الامم المتحدة لوضع المعايير.

كما انتقدت الاجراءات حفنة من المثقفين النخبويين الذين رأوا فيها «اعتداء» على حقوق الانسان، من دون ان يلحظوا كمّ الكلفة التي يعانيها البلد من جراء ما وصلت اليه الامور، ما دفع قسما من المواطنين الى النظر «بعنصرية» الى التدفق الذي يزاحمهم على ابواب رزقهم.