Site icon IMLebanon

المقعد الأرثوذكسي في طرابلس.. «بروفه» أم ترضية؟

لا تزال الانتخابات النيابية الفرعية في طرابلس لملء المقعد الأرثوذكسي الذي شغر باستقالة النائب روبير فاضل، ضمن دائرة «الهمس السياسي» في انتظار أن تتبلور الأمور باصدار وزارة الداخلية مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في طرابلس وكسروان (لملء المقعد الماروني الذي شغر بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية)، وهو الأمر الذي سيعطي إشارة السباق الانتخابي في المدينة.

لا يمكن التكهن حتى الآن بما يمكن أن تؤول إليه هذه الانتخابات سواء على مستوى الترشيحات أو الطموحات أو التحالفات السياسية والانتخابية التي يمكن أن تشهدها الساحة الطرابلسية، لكن من الواضح أن روبير فاضل لن يخوض هذه الانتخابات وهو الذي استقال بعد الانتخابات البلدية مباشرة، وأكد أن موقفه لا يرتبط بنتائجها (عدم وصول مسيحي الى المجلس البلدي) وإنما كان بسبب «القرف السياسي» نتيجة التعطيل الذي كان سائدا في كل مؤسسات الدولة في ظل غياب رئيس الجمهورية، خصوصا في مجلس النواب.

ومع عزوف فاضل عن خوض هذه الانتخابات أقله في هذه الدورة، إلا إذا حصلت تطورات سياسية ليست في الحسبان، فان المقعد الأرثوذكسي الذي شغله سليم حبيب من العام 1992 وحتى 1996، ومن ثم الراحل موريس فاضل من العام 1996 حتى العام 2009، ومن ثم روبير فاضل الذي استقال في حزيران الفائت، سيشغله وجه جديد من الشخصيات الأرثوذكسية التي لطالما كان لديها الطموح وترشحت أكثر من مرة لكنها لم تجد من يتبنى ترشيحها في ظل المحادل الانتخابية التي كانت تشهدها المدينة تحت مسمى التوافق أو الائتلاف.

ويمكن القول إن الانتخابات الفرعية المقبلة في حال أبصرت النور ستكون «بروفه» متقدمة وجديدة لكل التيارات السياسية في طرابلس، لا سيما بعد المفاجأة المدوية التي شهدتها الانتخابات البلدية الأخيرة، والتي علل في حينها أعضاء التحالف السياسي العريض خسارتهم أمام وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي، بعدم قراءة نبض الشارع الطرابلسي بشكل جيد.

ومع عودة اللعبة الديموقراطية، وتوجه الناخبين الطرابلسيين الى صناديق الاقتراع في حال تم إقرار الانتخابات، فان أشرف ريفي الذي لا يزال منتشيا بانتصار الانتخابات البلدية، لن يتوانى عن إعادة التجربة، للتأكيد بان نتيجتها لم تكن مجرد «فلتة شوط»، علما أن ماكينته الانتخابية الخاصة بدأت تبصر النور ولا مانع من «تزييتها» في هكذا انتخابات.

أما الرئيس سعد الحريري، فيتطلع الى الاستفادة من الزخم الشعبي الذي أعقب تكليفه تشكيل الحكومة، لتأكيد حضوره وشعبيته في الشارع الطرابلسي، والرد على نتائج انتخاباتها البلدية، بإعادة نائبها عن المقعد الأرثوذكسي الى الكتلة الزرقاء.

وتشكل الانتخابات الفرعية فرصة سانحة للرئيس نجيب ميقاتي سواء على صعيد تثبيت زعامته الطرابلسية بايصال شخصية أرثوذكسية قريبة منه أو محسوبة عليه، أو على صعيد توسيع كتلة التضامن الطرابلسي من إثنين الى ثلاثة بما يعطيه زخما لخوض الانتخابات النيابية العامة وفق الشروط أو التحالفات التي يراها مناسبة في مدينته وخارجها، لذلك يؤكد مقربون من ميقاتي أنه سيخوض هذه الانتخابات وهي تعنيه مباشرة، لكن من المبكر جدا الخوض في الأسماء أو التحالفات.

وربما يجد النائب محمد الصفدي أنه قادر من خلال بعض التحالفات التي يمكن أن يجريها، أن يخوض الانتخابات بمرشح ينشئ معه كتلة صغيرة، خصوصا بعدما سحب تيار المستقبل النائب قاسم عبد العزيز منه، إثر تكليف ميقاتي تشكيل حكومته.

هذا على صعيد الطموحات الفردية، أما على صعيد التحالفات، وبغض النظر عن الأسماء المطروحة، فيشير مطلعون الى إمكانية أن يكون المقعد الارثوذكسي في طرابلس «جائزة ترضية» يمكن أن تقدم الى أكثر من طرف، لا سيما إذا أراد الحريري تعويض النائب سليمان فرنجية بمقعد أرثوذكسي في طرابلس، وبالتالي إحراج أصدقاء فرنجية في المدينة لدعم مرشح «المردة» وفي مقدمهم ميقاتي وفيصل كرامي.

لا تمنع هذه الاحتمالات إمكان إجراء اختبار جديد للتوافق السياسي بين القيادات الطرابلسية، على شخصية أرثوذكسية، خصوصا في ظل استمرار التقارب بين الحريري وميقاتي الذي سَلَّفَه كثيرا خلال الفترة الماضية، وعدم معارضة النواب الآخرين في أن يكونوا شركاء في الغنم في حال فاز مرشح التوافق، عندها ستعاد تجربة الانتخابات البلدية وسيكون ريفي خارج هذا التحالف.

لكن من يراقب حركة ميقاتي في الشارع خلال الأسابيع الماضية، يعلم تماما أن الرجل اتخذ قرارا بعدم التهاون مع أي استحقاق سواء كانت النتائج لمصلحته أم لم تكن، وذلك وفق قاعدة «أن من لا يخسر لا يربح»، وهو بحسب مصادر مطلعة قد يفاجئ الجميع بمرشح جديد من خارج الوسط السياسي، ومن خارج نادي المرشحين ويخوض به مع حلفائه معركة المقعد الارثوذكسي في طرابلس.