اذا كان يحلو لبعض الاطراف حصر الازمة بين الجنرال ميشال عون «وتيار المستقبل» في موضوع الترقيات فان الهدف من ذلك تصغير حجم «القائد» كما تقول اوساط «التيار الوطني الحر» كون المشكلة ليست في ترقية العميد شامل روكز المهضوم حقه كسائر اللبنانيين بل ان اساس الازمة يكمن في آلية عمل الحكومة حيث يسعى «التيار الازرق» الى مصادرة مسؤوليات الرئاسة الاولى من خلال التصويت على القرارات بالاكثرية في وقت لحظ فيه «اتفاق الطائف» انه في حال شغور الموقع الاول في الدولة يمارس صلاحياته ملجس الوزراء مجتمعا وان آلية توقيع القرارات الحكومية بالاكثرية وليس بالاجماع يعتبر تعدياً صارخاً على صلاحيات رئيس الجمهورية.
وتضيف الاوساط ان جلوس «التيار الوطني الحر» على طاولة الحوار التي تعقد 3 ايام متتالية وان كانت نتائجها معروفة فان حضور«التيار» يأتي من زاوية تنفيس الاحتقان على الساحة المحلية لا سيما ان التقاصف بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» بلغ الذروة على خلفية تحميل كل فريق الاخر اخطاء الماضي اضافة الى ان الجميع يركبون سفينة واحدة اذا غرقت غرق الجميع معها في الوقت الذي اصبحت فيه سوريا ملعبا لحرب كونية اثر ولوج الدب الروسي الى الحلبة ليرسم شرق اوسط جديداً يناقض كليا «الفوضى الخلاقة» الاميركية التي اطاحت بأنظمة وخلفت وراءها صراعات دموية لن تنتهي في الامد المنظور على رقعة المنطقة في وقت تستثمر فيه الدولة العبرية لتقسيم مسجد الاقصى بينما الدول المعنية بالدفاع عنه تغرق في حروبها التي يتداخل فيها الطائفي بالمذهبي والعرقي ايضا.
وتشير الاوساط الى ان نتائج طاولة الحوار وان كانت معروفة لدى الجميع تبقي بطريقة او بأخرى شعرة معاوية بين اطراف الخصام لا سيما ان جملة استحقاقات متراكمة قد تدفع الساحة المحلية الى حافة الهاوية وتضع البلد على فوالق زالزالية من ملف العسكريين المخطوفين الذي بات من الاحاجي اذ يهدّد اهاليهم بالتصعيد بعدما قطعوا طريق المطار في الاول من امس بالاطارات بالمشتعلة وصولا الى ملف النفايات الذي بات عقدة العقد اذ يخشى البعض وعلى رأسهم رئىس الحكومة تمام سلام ان يتأخر حله الى ما بعد انتخابات رئاسة الجمهورية، لما يشهده من تجاذبات اثر رفض الفاعليات في البقاع مجدل عنجر ومحيطها من انشاء مطمر في منطقة المصنع خشية تلوث المياه الجوفية، وكذلك الامر في عكار حيث سارع النائب خالد الضاهر الى التقاط اللحظة ليهاجم وزير الداخلية نهاد المشنوق طالباً منه رفع يده عن عكار، علماً أن مكب سرار بات جاهزاً لاستقبال 100 الف متر مكعب من النفايات خلال 5 ايام، وان ضاهر وجد في ملف النفايات ورقة رابحة لتصفية حساباته مع الرئيس سعد الحريري، في وقت تسود فيه الانقسامات بين بلديات عكار حيث وافق قسم منهم على الامر ورفض آخرون ان تكون عكار مزبلة.
وتقول الاوساط المواكبة لطاولة الحوار ان ملف النفايات سيكون بنداً رئيسياً في المناقشات لا سيما ان الامطار باتت على الابواب وما يعنيه ذلك على صعيد البيئة والصحة، واقتراح نقلها بواسطة بواخر شحن الى طرابلس حيث تتولى الشاحنات نقلها الى مطمر سرار في وقت نصب فيه الرافضون العكاريون لذلك خيمة على طريق العبودية الموصلة اليه لاعتراضها على ان يتزامن ذلك مع فتح مطمر الناعمة لسبعة ايام فقط وفق خطة الوزير اكرم شهيب الذي قرع ناقوس الخطر كون الامر لا يحتمل الترف السياسي.
وترى الاوساط نفسها ان سلام بصدد اتخاذ قرار حاسم بالاستقالة من رئاسة الحكومة اذا لم تنفذ خطة شهيب وعلى قاعدة ان الحكومة هي حكومة تصريف اعمال حالياً في ظل «الكباش» على آلية عملها، واذا حصل ذلك فسيتساوى الشغور في مؤسسات الدولة المقطوعة الرأس، في الوقت الذي يفترض فيه التكاتف بين اللاعبين الكبار محلياً، لا سيما ان تداعيات العاصفة الروسية في سوريا ستلفح البلد الهش، وسط مخاوف طالما اعرب عنها الرئىس نبيه بري بسقوط الهيكل على رؤوس الجميع.