Site icon IMLebanon

خلاف القوات والتيّار خدش أو كسر؟!

 

 

 

حدثان شهدتهما منطقة الشرق الاوسط في الايام القليلة الماضية، الاول زيارة رئيس الطائفة الكاثوليكية في العالم، البابا فرنسيس، والثاني، تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، بعد حوالى تسعة اشهر من الصراع بين العرقلة والتسهيل، والحدثان على الرغم من اختلافهما في الشكل، الاّ انهما يتشابهان في نقطتين من المضمون، الاولى تشكيل الوحدة المسيحية – الاسلامية بعد قرون من الخلافات والدماء دين الديانتين، برعاية البابا فرنسيس والمرجعية الاسلامية شيخ الازهر الامام احمد الطيّب، وتوقيعهما «وثيقة الاخوّة المسيحية» على ارض عربية طيّبة هي ارض دولة الامارات العربية المتحدة، ذات الغالبية الاسلامية الساحقة، والتي فتحت ابوابها وقلبها امام مئات الوف المسيحيين على اختلاف مذاهبهم، والنقطة الثانية ان الحدثين، تردد صداهما في مختلف دول العالم تقريباً، لأن لبنان بتاريخه العريق، كان المثال على تعدد الحضارات والاديان على ارضه، وعلى تعايشها على مدى قرون طويلة، وهو كان مرشحاً دائماً لأن يكون مركزاً ثابتاً لحوار الاديان والحضارات.

 

بالنسبة الى الحدث التاريخي الأول، لا شك ان الاقلام في العالم كله، ستتناوله على مدى سنوات، وستكون للبنان حصة كبيرة من هذا التناول، وفي شكل خاص مضمون «وثيقة الاخوّة الانسانية» وفي شكل اخصّ كلمة شيخ الازهر احمد الطيّب، التي كانت بالنسبة لي مفاجأة اللقاء مع البابا فرنسيس، من حيث مضمونها وجرأتها غير المسبوقة، خصوصاً عندما وصف الارهابيين الذين يشوّهون القرآن بالقتلة وسفّاكي الدماء والمعتدين على الله، معتبراً ان المسيحيين اخوة، وحموا المسلمين واحتضنوهم منذ ايام الاسلام الاولى، الى غير ذلك من الوقائع والحقائق التي سوف يأتي وقتها.

 

في العودة الى الحدث الثاني – ولادة حكومة العهد الاولى – يمكن القول انها، اعادت ضخّ الدم في عروق الدولة اللبنانية، وفتحت باباً للشعور بنوع من التفاؤل الحذر، امام اللبنانيين الملدوغين اكثر من مرة من الطبقة السياسية التي تناوبت على قهرهم وافقارهم منذ عقود، ولا يرون خيراً سوى في عدد قليل من الوزراء، قد لا يكونون قادرين على التغيير وصنع العجائب، ولكن الخير القليل، أفضل بكثير من انعدامه.

 

الخلافات والسجالات التي رافقت تشكيل الحكومة، اعطت انطباعاً سيئاً عمّا يمكن ان يحصل مستقبلاً، لكن مساعي تطويق هذه الخلافات والسجالات، يقال انها نجحت في تبريدها، خصوصاً بين رئيس الحكومة سعد الحريري والزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط، وجهد التبريد هذا ظهر في اجتماعات الوزراء الاعضاء في لجنة وضع البيان الوزاري، حيث كان لافتاً التوافق في بعض النقاط بين حركة أمل وحزب الله وحزب القوات اللبنانية، كما كان لافتاً ما نقل عن رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، انه لن يسمح بعزل جنبلاط، وموقف القوات في هذا الصدد لم يكن بعيداً عن موقف برّي.

 

يبقى أخيراً ان حزب القوات اللبنانية، لا يوافق رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، على وصفه بأن ما حدث مع القوات ليس سوى «خدش»، وحسب احد نواب الحزب، ان ما حدث كان كبيراً، وهو كسر وليس خدشاً.