ان حصول الشابة البكستانية مالالا يوسف وهي في سنها الـ ١٧ والمناضل الهندي كايلاش ساتيارثي لحقوق الاطفال هو خبر مشجع للاسلام وللاطفال في العالم وخصوصاً لأوضاع الاطفال في منطقة الحروب الكارثية في الشرق الاوسط من سورية الى العراق الى لبنان واليمن وليبيا. فمالالا تعرضت لتطرف عناصر «طالبان» الذين حاولوا اغتيالها وكانت في سن الـ ١٥ حين كانت تخرج من المدرسة. ومنذ ذلك الوقت ولدى انتقالها الى بريطانيا حيث عُولجت لم تتوقف مالالا عن االنضال من اجل تعليم الفتيات والاطفال ومقاومة التطرف الديني الذي يريد منع الفتيات من الدراسة. وساتيارثي الحائز الآخر على نوبل ناشط في حركة هندية من أجل مكافحة عمل الاطفال ومنظمته حررت ٨٠ الف طفل من العبودية واعادتهم الى الدراسة والتعليم.
ان منح مالالا وساتيارثي جائزة نوبل للسلام اختيار موفق في المحنة التي يمر فيها العالم وخصوصاً العالم الاسلامي حيث التطرف والحروب تسبب هجرة الملايين من سورية والعراق وليبيا ومن بينهم آلاف الاطفال المحرومين من التعليم وهم أجيال الغد يعيشون في بؤس مزر. فجائزة نوبل لمالالا وللهندي ساتيارثي ينبغي ان تدفع العالم الى ادراك ان اطفال سورية المشردين في لبنان وفي الاردن وفي تركيا وأطفال اللاجئين الفلسطينيين وأطفال جميع الدول في المنطقة التي تعاني حروباً وفقراً وغياب الامن يحتاجون الى امثال الهندي ساتيارثي والى مالالا لحض الاسرة الدولية على التعاون والعمل لانقاذ هؤلاء الاطفال وإخراجهم من بؤسهم ليتلقوا التعليم اينما كانوا والا يستخدموا من قبل اهلهم او للقيام بأعمال لا تناسب سنهم من أجل كسب العيش.
ان المنظمات الدولية مثل «يونيسيف» و»انقذوا الاطفال» (save the children) تبذل جهوداً ينبغي الاشادة بها في ما يتعلق بأطفال اللاجئين. انما هي ليست كافية. كما ان هناك مثلا منظمات غير حكومية خاصة تنشط في هذا المجال منها محلية في لبنان مثل «كياني» التي أسستها السيدة نورا جنبلاط وانشأت ثلاث مدارس في عدد من القرى اللبنانية لاطفال اللاجئين السوريين في عرسال والبقاع وعيادات طبية متنقلة. وغيرها مثل منظمة «جسور» التي تمول مدارس وتعليم اطفال سوريين ومؤسسة ايمن اصفري الرئيس التنفيذي للشركة النفطية العالمية «بتروفاك» التي تمول دراسة طلاب سوريين ولبنانيين وفلسطينيين في بريطانيا في «امبيريال كولدج» وفي لبنان. فكل هذه المبادرات تستحق الاشادة بعملها الكريم وتوعيتها لضرورة الاهتمام بتعليم الاولاد ومكافحة عبودية الاطفال في عملهم. وتشير منظمة «جسور» على موقعها الى ان ٩٠ في المئة من اطفال سورية اللاجئين في لبنان بين عمر ٦ و ١٧ سنة هم خارج المدرسة. وتقول نورا جنبلاط رئيسة «كياني» ان هنالك ٣٠٠ الف لاجئ سوري في سن الدراسة غير قادرين على الذهاب الى المدارس نتيجة اوضاعهم من اصل ٤٠٠ الف لاجئ في سن الدراسة وعمرهم بين ٤ و١٨ عاماً. وتتابع ان استخدام اطفال اللاجئين للعمل ايضا ينتشر بين اللاجئين السوريين حيث ايضا هناك ظاهرة اجتماعية متزايدة للزواج المبكر للطفلات.
ان معاناة الاطفال في منطقة الشرق الاوسط التي تشهد حروباً تهدد مستقبل المجتمعات في دول المنطقة تحتاج الى جهود كثيفة وشجاعة أشخاص يشبهون مالالا وساتيارثي.