IMLebanon

ابراهيم لـ«الجمهورية»: دورنا في «اتفاق الزبداني» إنساني وحضاري

ثبت أمس بالوجه الشرعي أنّ «للبنان في كل عرس قرص». فمنذ اندلاع الأزمة السورية لم يَغب عن اي من عمليات التبادل او الإفراج عن مخطوفين عسكريين او مدنيين. قد يكون للجغرافيا دافع أساسي في تحوّله مسرحاً لمثل هذه العمليات، لكن الحضور الأمني اللبناني بات عنصر ثقة ما بين أطراف التبادل. فما الدافع الى هذه المعادلة؟

شاء من شاء وأبى من أبى، فقد تحوّل لبنان أمس مسرحاً لأوّل عملية تبادل للمسلحين السنّة المحاصرين منذ سنوات ثلاث في مدينة الزبداني السورية في ريف دمشق الغربي من جهة، والمسلحين الشيعة المحاصرين من قرى كفريا والفوعة في الشمال السوري من جهة أخرى، وذلك في ظل اتفاق تجمّدت مراحله التنفيذية منذ ايلول الماضي، وتحديداً بما اقترحته الأمم المتحدة ورَعته لنقل المسلحين السنّة الى الشمال السوري والشيعة الى ريف دمشق.

سبق للتطورات الأمنية التي رافقت الحرب التي قادها «حزب الله» في القلمون وانتهت الى تطويق الزبداني، وتلك التي أعقبت تشكيل «جيش الفتح» الى السيطرة على معظم مناطق النظام السوري في ادلب وجسر الشغور وسهل الغاب وتقدّم باتجاه مداخل اللاذقية والساحل السوري، أن عطّلت عملية التبادل التي قالت بها الأمم المتحدة يومها كتتمة لوَقف النار في الزبداني والفوعا وكفريا والتي اقترحها ورَعاها مكتب الموفد الدولي الى العاصمة السورية ستيفان دوميستورا وفريق عمله بالتعاون والتنسيق مع الأتراك والإيرانيين لإخراج المسلحين الجرحى السنّة والشيعة من الطرفين ومن رَغب بمرافقتهم من أهاليهم الى حيث البيئة الحاضنة لكلّ منهما عبر لبنان ومطار بيروت الدولي تحديداً.

أمّا وقد سمحت الظروف بإتمام العملية، فقد حضر الجانب اللبناني مشاركاً في العملية بناء لطلب من الأمم المتحدة كطرف تنفيذي بهدف الإشراف على ما يجري من فصولها على الأراضي اللبنانية.

كان واضحاً أنّ كل ما جرى قد تمّ بإشراف المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ورعايته، الذي باتَ صلة الوصل الموثوقة بين مختلف الفرقاء التي شاركت في هذه العملية، وهي الى جانب الفريق الدولي السلطات السورية والتركية منذ أن قاد عمليات استعادة الزوار اللبنانيين التسعة من إعزاز ومن بعدها الإفراج عن راهبات معلولا وصولاً الى استعادة العسكريين الـ 16 من «جبهة النصرة».

ومن سمحت له الظروف أمس ان يحضر جانباً من نشاط ابراهيم في مكتبه في المديرية العامة للأمن العام، كان شاهداً حياً على طريقة مواكبته للعملية، وشهد على تحوّل مكتبه غرفة عمليات لمواكبة مختلف التطورات لحظة بلحظة.

فكل خطوطه كانت مفتوحة مع المشرفين على العملية من ضبّاط المديرية الكبار بالتنسيق بين بقية الأجهزة الأمنية او العسكرية والجمارك وفريق دو ميستورا الذين انتقلوا الى منطقة المصنع للإشراف على نقل مسلّحي الزبداني من الجانب السوري في موازاة فريق دولي آخر رافقَ انتقال مسلّحي الفوعا وكفريا الى الحدود السورية – التركية.

كان ابراهيم يواكب تحركات القوافل التابعة للصليب الأحمر في كل من لبنان وسوريا وتركيا على حد سواء، والخطوط كانت مفتوحة لتوفير التزامن المطلوب بين وصول مسلّحي الزبداني الى الحدود اللبنانية – السورية ومسلّحي الفوعة وكفريا الى الحدود التركية – السورية وهي في طريقها الى مطارَي انطاكيا التركي وبيروت الدولي حيث ستجري عملية التبادل متزامنة بين المطارين باتجاه تركيا ولبنان.

أصرّ ابراهيم على القول لمحدّثيه إنّ لبنان حاضر بقوة في هذه العملية بالوسائل اللوجستية والأمنية التي وفّرها لمختلف المراحل التنفيذية على الأراضي اللبنانية. ولا يخفي أن الحضور اللبناني في العملية له وجهه الإنساني والحضاري. فصورة لبنان الدولية والإقليمية لها حضورها في حسابات الدول والقضايا الكبرى وعلينا الحفاظ عليها متى كنّا قادرين على القيام بما يلزم في هذا الشأن.

وعندما قيل له من هي الجهات الدولية والإقليمية التي رعت الخطوة بالإضافة الى دور الأمم المتحدة؟ قال: إنّ الطرفين الرئيسيين في العملية بمراحلها الحالية هما السلطات السورية والتركية.

وعندما سُئل هل من علاقة بين ما يجري اليوم (أمس) ومصير المخطوفين القطريين في العراق؟ نفى ابراهيم ان يكون للجانب القطري أي دور في العملية. أما بالنسبة الى مصير الصيادين القطريين فهم خارج هذه العملية ولم نتطرق اليهم ابداً. وكل ما يجري هو استكمال لتنفيذ الخطة التي وضعتها الأمم المتحدة منذ ان رتّبت وَقف النار في الزبداني والفوعا وكفريا قبل اشهر عدة لا أكثر ولا أقل.

وعن كون العملية فرزاً طائفياً ومذهبياً يجري على الأراضي السورية، وهل تُؤسس لعملية تبادل سكاني على خلفية مذهبية؟ رفض ابراهيم هذا المنطق وقال: لم نتطرق الى هذه الزاوية ولا تعنينا هذه الأبعاد المذهبية والطائفية ابداً، مؤكّداً انّ دور لبنان في كل هذه العملية إنساني واجتماعي وحضاري لا أكثر ولا أقل.

كان لافتاً انّ ابراهيم تبلّغ، وهو يتابع التبادل، بوصول 122 سورياً الى المصنع من الزبداني، فأصرّ على معرفة الفرق بين مضمون الإتفاق الذي قال بخروج 126 شخصاً منها الى لبنان. وأنّ من بين المنتقلين إمرأة تمّ الإتفاق ان تنقل فور وصولها الى الأراضي اللبنانية الى إحدى مستشفيات بيروت لأنها اقتربت من مرحلة الولادة، فاكتشف انها ليست من بين الواصلين الى المصنع.

وتزامناً مع التأكيد أنّ عدد الواصلين هو 125 شخصاً وليس 126، صادف ان تلقّى ابراهيم اتصالاً في تلك اللحظة من السيدة خولا مطر إحدى مساعدات دوميستورا التي كانت تواكب العملية من المصنع، فسألها عن مصير المرأة الحامل، فأبلغته انها لم تركب الباص المخصّص لها في الزبداني وتمّ نقلها بناء لرغبتها الى دمشق حيث ستضع مولودها هناك، فاطمأنّ اليها من الجهة الراعية للإتفاق.