لا حدود للرياء الأميركي حيال المذبحة السورية، ها هو جون كيري يعلن بعد خمسة أعوام من التعامي عن المذبحة “ان الحرب الأهلية في سوريا أصبحت خارج السيطرة”؟
لا معنى لهذا الكلام بعدما فوّضت اميركا الى فلاديمير بوتين التصرف في سوريا، ربما بهدف ان يتحمل في النهاية وزر العمل القذر الذي تريده واشنطن وتل ابيب وهو تقسيم سوريا، وآخر القباحات التي روّجها جون كيري أمس قوله ان واشنطن ستمارس ضغوطاً على الفصائل المعتدلة لتفصل نفسها عن “جبهة النصرة” في حلب، لكأن هذه الجبهة هي التي تقاتل هناك!
المعارضة السورية تؤكد ان لا وجود لمقاتلي “جبهة النصرة” في حلب، وخصوصاً في المناطق التي تعرّضت للقصف والتدمير، ومراسل “وكالة الصحافة الفرنسية” يؤكد ان المنطقة التي تتعرض للتدمير ببراميل النظام وقصف المقاتلات الروسية ومنها بستان القصر وصلاح الدين هي تحت سيطرة المعارضة المعتدلة، لكن هذا لم يمنع كيري من تبني نظرية الأسد وبوتين التي تضع كل المعارضين في خانة الارهابيين!
كان من المضحك – المبكي ان يتفق كيري ونده سيرغي لافروف على ما سُمّي “هدنة نظام الصمت” التي شملت مناطق الغوطة الشرقية لدمشق ومنطقة ريف حلب الشمالي لمدة ٧٢ ساعة قابلة للتمديد، ولأنه استثنيت مدينة حلب من الهدنة كان الأحرى بكيري التزام الصمت وعدم الايغال في ترويج الأوهام، سواء عن الحرب التي باتت خارج السيطرة أو عن محاولته الفصل بين التنظيمات المعتدلة والنصرة في حلب.
واذا كانت موسكو تلتزم الصمت الآن وهي تدير المذبحة في حلب بالتعاون مع حلفاء الأسد، وبعضهم جاء من العراق وباكستان وأفغانستان، ووعدوا بالحصول على منازل أهل حلب الذين هربوا تحت وابل النيران، فليس من المقبول ان يواصل باراك أوباما ووزير خارجيته ضخ التعمية عبر الحديث الخادع عن مساعي التهدئة، والقيام برحلات استعراضية الى جنيف للايحاء بالسعي الى احياء المفاوضات التي انسحبت منها المعارضة لأن النظام أسقط الهدنة وها هو يمعن في احراق حلب.
كيري يتعمد التعمية على أجندة لافروف على رغم ان منظمة العفو الدولية توصلت الى خلاصة مفادها ان روسيا والنظام يستهدفان المستشفيات ضمن استراتيجية الحرب وهو ما يمثّل جريمة بحق الانسانية وخرقاً واضحاً لحقوق الانسان، وتقول المنظمة ان ١٤ من المستشفيات والمراكز الصحية تعرضت للقصف والتدمير ما أوقع ٢٥٣ قتيلاً في عشرة ايام، وما يؤكّد هذه الأرقام البيانات التي أصدرتها منظمة “أطباء بلا حدود”!
لكن الذين سبق لهم ان تعاموا في واشنطن وصفقوا في موسكو، بعد قصف المدنيين في الغوطتين بالسلاح الكيميائي، لن يأبهوا طبعاً لـ٢٥٠ قتيلاً سقطوا في حلب، فالحرب السورية خارج السيطرة كما يقول كيري!