في خضمّ الإنتخابات البلدية والإختيارية الجارية على قدم وساق والتي تحوّلت طاحنة بين القوى والأحزاب تنعقد اليوم في عين التينة الجولة التاسعة عشرة للحوار الوطني للإتفاق على إنتخاب رئيس جمهورية، وعشية انعقادها تردّد أن الرئيس نبيه برّي سيتجاوز جدول الأعمال ليطرح مبادرته التي استوحاها من النجاح الذي حققته السلطة في إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية والتي تقوم على إجراء إنتخابات نيابية على أساس قانون جديد يُتفق عليه، أو على أساس قانون الستين المعمول به في حال عدم الإتفاق، على أن يلي ذلك دعوة المجلس المنتخب إلى جلسة عامة يتم فيها انتخاب الرئيس بمن حضر إذا تعذّر حضور الثلثين كما ينص عليه الدستور في مادته الرابعة والسبعين، علماً أن مواقف الأطراف منها تظهّرت سلفاً وقد تراوحت بين الرفض المطلق لأنها مخالفة للدستور الذي يعطي الأولوية لوجود رئيس للبلاد يُشرف على هذه الإنتخابات، ويستحيل بالتالي إجراؤها في ظل الشغور في رئاسة الجمهورية، وهؤلاء الرافضين يشكلون الأكثرية النيابية التي يمكنها أن تعدّل الدستور بما يتناسب مع مبادرة رئيس المجلس، الأمر الذي يجعل من طرح هذه المبادرة مجرّد تعمية على جوهر الموضوع الأساس وهو انتخاب رئيس جمهورية، أو مجرّد عملية اللعب بالوقت الضائع، وإلهاء النّاس الذين شجّعتهم الإنتخابات البلدية والإختيارية على اتهام أرباب السلطة بالإتفاق فيما بينهم على تدمير الدولة، لإقامة إماراتهم بديلاً عنها كلٌ في منطقة نفوذه وسيطرته. لكن الرئيس برّي كما تقول أوساطه ينفي عنه كل هذه التهم ويؤكّد أنه يريد من طرح المبادرة على طاولة الحوار جسّ نبض المتحاورين إزاءها وإفساح المجال لتقييمها وإبداء كل منهم موقفه منها وملاحظاته عليها، ومن ضمن هذا النقاش وكون الإنتخابات النيابية عصب مبادرته فإن معضلة قانون الإنتخاب يكون قد تسلّل مجدداً إلى طاولة الحوار وفرض نفسه على نقاشها وسط إدراك الجميع بأن الضوء الأخضر السياسي لإقرار قانون إنتخابي جديد ستعطيه الطاولة ولا تعطيه اللجان المشتركة التي سيقتصر دورها عندئذٍ على تصديق ما يتم الإتفاق عليه خارج أسوار البرلمان، ذلك أن الرئيس برّي الحريص دائماً على لبننة الحلول لا يزال يعوّل على تفاهمات محلية ممكنة رغم التباعد والصورة الخارجية المظلمة، ستكون كفيلة بإنهاء هذا التخبّط السياسي الذي تعيشه البلاد وهو لا ينفك يدعو إلى دوحة لبنانية ترسم عناوين عريضة بما يسمح بتذليل العقد التي تعترض طريق الملفات الداخلية وأولها قانون الانتخاب الذي يُشكّل الاتفاق عليه مفتاح البوابة للخروج من النفق المظلم.