انشغال أهل الحكم بتشكيل الحكومة، وتوزيع الحقائب الوزارية، والحصص على الاحزاب والتيارات والشخصيات المستوزرة والذي يكاد ينهي شهره الرابع، انتهزه البعض العاصي على الدستور والقوانين، لتعميق جراح اللبنانيين، بتوسيع اعتداءاتهم الوحشية، في كل اتجاه، إن كان في البيئة، والتلوّث، والفساد، ونشر الأوبئة، والجريمة، والمخدرات، والارهاب الفكري في ظلّ تجاهل مطبق للمسؤولين المدنيين والأمنيين، وكأن تشكيل الحكومة، يشكّل فرصة سماح للخارجين على القانون، ليتمادوا في خروجهم.
ما يغيّط ان مزارعاً واحداً من مئات المزارعين الذين يزرعون المرض والموت في احدى مناطق البقاع، القي القبض عليه، وهو يروي مزروعاته من مياه المجاري او المجارير، وتسأل، لماذا هذا المزارع فقط، فيأتيك الجواب همهمة بأنه «غير مدعوم». وما يجري في البقاع، يجري مثله في كل منطقة، لأن لكل منطقة ديوكها الذين يصيحوا على مزابلهم.
لم يعد يعني الشعب، متى تشكّل الحكومة، وممّن تتشكّل لأن همومه ومتاعبه أصبحت أكبر وأخطر من همّ تشكيل الحكومة، ومن همّ لقاء الرؤساء، وتفاؤلهم غير المفهوم وغير الصادق، فهو يحمل في مفرداته رائحة الفشل الدائم، والناس الذين يقرأون في الصحف ووسائل الاعلام، ويسمعون في محطات الاذاعة والتلفزيون، عن عروض مذهلة لاختصاصيين واصحاب خبرة، لحلّ المشاكل التي يشكون منها مثل الماء والكهرباء، والتلوّث، يغضبون الى درجة الشتم، لأن لا احد من المعنيين بهذه الكوارث يردّ عليهم او يسألهم عمّا عندهم من حلول ميسّرة.
* * * * *
أتمنى على كل لبناني، ان يمتلك نسخة عن الدستور ويقرأها يومياً، ويعيد قراءتها، ليعرف في أي غاب يعيش.
الفصل الثاني من الدستور، ومن المادة السادسة حتى الخامسة عشرة لا كلام سوى عن الحرّيات والحقوق التي يتمتع بها اللبناني «على الورق» امّا في الحقيقة، «يا عيب الشوم».
تحبّه أو تكرهه للنائب السابق فارس سعيد، تقبل رأيه او ترفضه، هذا حق من حقوقك، ولكن ان يمنع جهاراً وبالقوّة من عقد لقاء مع أصدقاء له ومفكرين وصحافيين، فهذا يتناقض تماماً مع مضمون هذه المواد الدستورية، وخصوصاً المادة 13 التي تنص حرفياً «حرية ابداء الرأي، قولاً وكتابة، وحرية الطباعة والاجتماع وتأليف الجمعيات، كلها مكفولة ضمن دائرة القانون».
في غياب مطبق لوزيري العدل والداخلية، وللرئيس المكلّف، نناشد الرئيس ميشال عون، حامي الدستور، أن يتدخل.