في الوقت الذي تتغنّى فيه الجهات الرسمية بتحقيق السياحة الداخلية هذا الصيف عوائد بقيمة 6 مليارات دولار، تخطى الإنفاق على السياحة الصادرة للفترة نفسها 1.5 مليار. وإذا أضفنا المبلغ الذي صرفه اللبنانيون في الخارج بأشهر الصيف الثلاثة فقط، على خروج 2.5 مليار من عوائد السياحة المحققة كما أشارت التقديرات الرسمية، فلا يبقى إلا 2 مليار دولار.
أرقام لا تبرهن عن الخلل البنيوي في الميزان السياحي فحسب، إنما تشكل ضغطاً هائلاً على ميزان المدفوعات، وتقلل من فرص تحقيق التوازن المنشود بين إلايرادات من العملة الصعبة والنفقات، ما يفاقم الضغوط على الليرة ويستمر بدفعها الى منحى الانهيار مقابل الدولار.
وتشير التقديرات إلى أن عدد اللبنانيين الذين سافروا إلى الخارج منذ بداية العام بداعي السياحة، وصل إلى 300 ألف شخص، وقد “استنفد الطلب على تركيا وحدها المقاعد الـ 120 ألفاً المعروضة في الطائرات لأشهر الصيف الثلاثة”، بحسب نقيب أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود. وعلى الرغم من أن متوسط الإنفاق للسياح اللبنانيين في الخارج قد انخفض بالمقارنة مع أعوام ما قبل الأزمة، وتحديداً العامين 2018 2019، إلا أنه بقي في المتوسط مرتفعاً، وقد قدر بـ 5000 دولار للشخص الواحد في الرحلة.
هذا الواقع المتناقض والمستغرَب، حتى من أرباب القطاع أنفسهم، أعاد الحياة إلى قطاع مكاتب السياحة والسفر. وبحسب عبود فان “إستبدال طريقة الدفع القائمة على الشيكات واللولار وبأسعار صرف غير حقيقية بالدولار النقدي، أنقذ القطاع، من دون أن يعني ذلك بالطبع العودة إلى إزدهار ما قبل الأزمة. فتداعيات كورونا التي استمرت حتى العام 2021 وانخفاض القدرة الشرائية عند اللبنانيين والصعوبات المعيشية والاقتصادية، عوامل حدّت من تحقيق قفزة كمية ونوعية في مكاتب السياحة والسفر. إذ تراجع حجم المبيعات في سوق قطع التذاكر من 60 مليون دولار في الشهر الواحد إلى ما بين 2 و5 ملايين دولار في العام 2020 أي في فترة انتشار وباء كورونا. وارتفع إلى 10 ملايين دولار في العام 2021، وعاد في العام الحالي ليحقق مبيعات بقيمة 45 مليون دولار تشكل 75 في المئة من الارقام المحققة قبل الازمة. وعليه يتوقع عبود أن “يتعافى قطاع السياحة والسفر قبل العام 2025 وهي المهلة التي أعطتها “الآياتا” IATA – الاتحاد الدولي للنقل الجوي، للتعافي”.