IMLebanon

حصيلة زيارة الوفد البرلماني للولايات المتحدة: لا تخلي عن لبنان ولا استهداف لأي طائفة

عاد الوفد النيابي من واشنطن بانطباع لا لبس فيه: الدولة اللبنانية تخسر كثيراً في غيابها عن عاصمة القرار في العالم. سفارة لا يتعدى عدد ديبلوماسييها الثلاثة، ليس فيهم أحد برتبة سفير لا يمكن أن تقف، على سبيل المثال، بوجه آلة إسرائيلية لا تتردد في توزيع «الشتائم» التي تظهر في الصحف العربية على أعضاء في الكونغرس ظهوراً شبه يومي.

«تجمع لأجل لبنان» يسعى جهده لتعويض الفراغ الذي يخلّفه غياب الدولة، لكنه مهما كان حاضراً في أروقة الكونغرس أو الإدارة، يبقى بحاجة إلى سند رسمي يعطي لكلمته وسعيه القوة التي يحتاجها.

قالها الأميركيون للوفد النيابي اللبناني الذي زار واشنطن الأسبوع الماضي بالفم الملآن: المهم أن تكون الزيارات دائمة ومنتظمة. وهذا ما يبدو أن الرئيس نبيه بري قد تنبه له، قبيل مغادرة الوفد، حيث أراد أن يكون بمثابة نواة لجنة الصداقة اللبنانية ـ الأميركية، على أن يتم تفعيل الحركة اللبنانية تجاه واشنطن أكثر.

وبالفعل، لم يحتج أعضاء الوفد المؤلف من النواب: ياسين جابر، محمد قباني، روبير فاضل، باسم الشاب، آلان عون ومستشار الرئيس نبيه بري علي حمدان والسفير السابق انطوان شديد، إلى الكثير من الجهد ليتبيّنوا مدى أهمية الحضور الدائم في واشنطن، خاصة أن نظرية «ماذا يمكن للبنان أن يفعل في مواجهة القرارات الأميركية» بحاجة إلى إعادة نظر، لأنه بدا جلياً أن الأميركيين حريصون على استقرار لبنان وعلى دعم جهوده في محاربة الإرهاب. وبالتالي، هم بحاجة إلى الاطلاع عن قرب على الجهود التي تُبذل لبنانياً في هذا الصدد، وحريصون على الاستماع إلى وجهة نظر اللبنانيين في مسألة تحديد أنواع الدعم.

توقيت الزيارة كان مهماً. فهي تأتي في فترة ما بين إقرار القانون الذي يعاقب المتعاملين مع «حزب الله» وإقرار مراسيمه التطبيقية في نيسان المقبل، لذلك، كان من الضروري توضيح وجهة نظر لبنان منه، والتحذير من أن تطبيقه تطبيقاً لا يراعي حساسية الوضع اللبناني يمكن أن يساهم في زعزعة استقرار البلد اجتماعياً واقتصادياً. تسلح الوفد بثلاث نقاط قوة أثناء وجوده في واشنطن: أولاها إقرار المجلس النيابي للقوانين المالية التي كانت مطلوبة أميركياً، ثانيتها إقرار منظمة «غافي» أن لبنان أوفى بكل التزاماته، وثالثتها حصول الزيارة بعد زيارة قائد الجيش بأسبوعين، حيث كان واضحاً اتفاق الكونغرس والبنتاغون على دعم لبنان.

وبالفعل، خلال يومين قضاهما الوفد في الإدارة الأميركية وثلاثة أيام في الكونغرس، لم يكن صعباً تبيان الحرص الأميركي على لبنان، ليس في مستوى الترحيب ومستوى الشخصيات التي تم اللقاء بها وحسب، بل في مستوى التفهم لما نقله الوفد من تنبيه إلى الوضع الدقيق الذي يمر به لبنان والمطالبة بعدم صب الزيت على النار. وقد استقبلت هذه التمنيات بتفهم كبير، خاصة أنه بدا جلياً أنها تصدر عن وفد يمثل التنوع اللبناني، طائفياً وسياسياً. واللافت أن لقاءات الوفد شملت كل المعنيين بملفي المنطقة ولبنان، إن كانوا مسؤولين أو مستشارين أو خبراء، وقد كان الجميع واضحاً في تأكيده عدم وجود أي نية لاستهداف الاقتصاد اللبناني.

توجه الوفد إلى أميركا بتوقعات متواضعة، مكملاً الرسالة التي كان الرئيس نبيه بري قد طلب من السفير الأميركي في بيروت نقلها إلى بلاده: القانون الأميركي الذي صدر مؤخراً بحق المتعاملين مع «حزب الله» سيؤذي البلد وسيؤدي إلى بث الفرقة في المجتمع اللبناني، إذا لم يطبق تطبيقاً يراعي مصلحة البلد وأهله، لأنه يعطي انطباعاً بأن كل الشيعة مستهدفون، علماً أن الوضع، بعد إصدار القانون، كان مقلقاً في لبنان، حيث أصيبت المصارف والناس بحالة من الهلع.

أولى النتائج كانت مسارعة أحد المصارف إلى إيقاف رواتب نواب «حزب الله» احترازياً، من دون أن يطلب الأميركيون ذلك، على ما سمع الوفد اللبناني.

لم يثر الوفد الأمر سياسياً. كان هنالك تأكيد أن مصلحة الأميركيين تبقى في الحفاظ على القطاع المصرفي الذي يتميز بالشفافية. قيل لفريق الاختصاصيين الذي التقى الوفد، إن لبنان يتعامل مع الأمور المالية بشفافية مطلقة. وبسبب توطين الرواتب، على سبيل المثال، صار سهلاً تبيان حركة الأموال، وبالتالي فإن أي خطأ قد تتضمنه المراسيم التطبيقية يمكن أن يقلق الناس ويجعلها تحجم عن التعامل مع البنوك، ما يؤدي عملياً إلى ضرب الشفافية.

وعند تذكير الأميركيين بإنكار «حزب الله» تعامله مع المصارف، سئل الوفد عن طريقة حصوله على الأموال، فكان الجواب: اذهبوا أنتم واكتشفوا. وإذا كان الأميركيون قد حرصوا على التأكيد أن التدابير التطبيقية التي يتم تحضيرها ستأخذ بعين الاعتبار مصلحة الاقتصاد اللبناني، فقد تركزت الأسئلة اللبنانية على ضمان هذا الوعد، ولا سيما من خلال تأكيد ضرورة معالجة الالتباسات المتعلقة بالتعريفات التي يتضمنها القانون. وعلى سبيل المثال، إذا نص القانون على معاقبة من يقوم بـ «عملية متعمدة لدعم حزب الله»، فهل يطال ذلك المواطنين الذي يتعاملون مع عشرات البلديات التي يرأسها «حزب الله» أو يملك الأغلبية فيها؟

خلاصة الزيارة عبارتان صدرتا من الكونغرس ومن الإدارة على التوالي. قال أحد النواب الأميركيين: إذا انهار لبنان تنهار المنطقة، فيما أكد مساعد نائب وزير الخارجية أن القانون «لا يستهدف أي طائفة أو أي فئة من المجتمع».

سنحمي لبنان من داعش»

سأل أحد أعضاء الوفد اللبناني الذي يزور واشنطن مسؤولاً في البنتاغون: لنفترض أنه حصل تقدم لـ «داعش» في لبنان، فهل يتدخل الطيران الاميركي المرابط في قبرص؟ فجاء الجواب حاسماً: التدخل سيكون أقوى بكثير، مضيفاً: نحن واعون لأهمية لبنان الاستراتيجية، ومعنيون بالحفاظ على استقراره.