نود أن نخالف المتشائمين في ما يذهبون اليه من رسم لوحة مغرقة في السواد للمشهد اللبناني. ونريد أن نقول إنّ بعض التشاؤم (وقليله تحديداً) صادر عن تأثر بالأجواء السلبية التي يخلقها كثيرون. أما أكثره فهو صادر عن سوء نيّة، وعن تعمّد، وعن أهداف مريبة، وعن غايات مشبوهة.
بداية نعترف بأنّ الأمور ليست على ما يرام. أي ليست كما يروم المواطن العادي الذي بنى آمالا عريضة على التسوية التي إنبثق منها هذا العهد بفعل إرادة وطنية لبنانية واضحة وبقبول عربي ودولي هو أيضاً ملحوظ، ولعله واضح كذلك.
إلاّ أنّ هذا ينطلق من أنه ليس في يد العهد عصا سحرية تقول: كن فيكون. يكون غياب للسلبية ويكون حضور وحلول للمشكلات المزمنة العالقة. فالأمر لا يمكن أن يكون بهذا التبسيط.
ولكن، في المقابل، لا يمكن الأخذ بجوقة النعيق التي يريد أصحابها أن يوهمونا بأننا على أبواب… الجحيم!
لا، ليست الحال على هذا المنوال. فالعهد الذي أمضى سنته الأولى، والحكومة التي مضى على بدء عملها الفعلي نحو عشرة أشهر، حققا في هذه الفترة الوجيزة من عمر الأوطان، ما لم تحققه عهود وحكومات متعددة.
الى ذلك من الطبيعي أن يكون عدم الإنسجام بيّناً في عمل الحكومة… فهي ليست حكومة طرف واحد، إن هي إلاّ مجموعة تناقضات التقت على تسوية ربط نزاع. ومع ذلك فقد أعطت أكثر بكثير ممّا يمكن هكذا تركيبة أن تفعل.
وفي المطلق ليس لأحد مصلحة بضرب الإستقرار في لبنان. والمعلومات التي توافرت عن زيارة الرئيس سعد الحريري الى المملكة العربية السعودية تقاطعت عند نقطة شبه إجماعية وهي أن الرياض أبلغت الى الحريري حرصها الشديد على الإستقرار في لبنان، وان هذه النقطة هي مركزية جداً في القرار والسياسة السعوديين. وبالنسبة الى الدول الأوروبية والغرب عموماً وكذلك روسيا والڤاتيكان معها فإنّ تلك كلها تعلن عن حرصها الثابت على الإستقرار والأمن في هذا البلد.
أضف الى أن أجواء الحرب الضاربة طبولها في وسائط الإعلام لا تبدو مرتكزة الى حقائق ثابتة. وفي التقدير أنه ليس لأحد مصلحة في نشوب الحرب، وبالذات ليس لإسرائيل مصلحة في الحرب والأسباب عديدة ومعروفة وليس المجال ليتسع لها في هذه العجالة.
ثم إن البلد دخل فعلياً في حمّى الإنتخابات النيابية، ومن الطبيعي أن تزداد السجالات والإشكالات حماوة. وهذا مألوف في العالم كله وعندنا في لبنان تحديداً. وهو من صلب «اللعبة الإنتخابية»… فليس ثمة ما يعتبر خارجاً على المألوف.
هل هذا يعني أننا بتنا في أمان تام؟ طبعاً، لا يملك أحد جواباً جازماً في هذا الأمر، فقط يمكننا أن ندعو الناعقين في خراب غير موجود إلاّ في عقولهم وضمائرهم، إلى أن يتقوا اللّه في هذا الوطن.