IMLebanon

Overdose

 

ليس سيئاً منع تصدير الفاكهة والخضروات إلى خارج لبنان. ليس سيئاً بالمطلق. فرُبَّ ضارة نافعة. هذا إذا سلمنا بأن سمعة لبنان “زفت” منذ زمن، والحمد لله. وتصدير المخدرات هو فخر الصناعة اللبنانية بغية الإلتفاف على العقوبات والحصول على السيولة بعملة الإستكبار. وهو لن يتوقف ما دامت الأمور فالتة على غاربها، وما دامت حدودنا البرية والبحرية والجوية تحت سيطرة المحور إياه. وهذه الصناعة لن يضيرها حظر دخول المزروعات اللبنانية، “ملغومة” كانت أم “نظامية” إلى الدول المتضررة من الكبتاغون الذي يولِّد Fresh dollars لزوم استكمال المشروع المشرقي المشرِّف. فالقريحة الخلاقة كفيلة بإستنباط وسائل جديدة تشيِّب رؤوس الأطفال.

 

لذا، لا بأس ان بقيت مزروعاتنا داخل الحدود، حينها قد يتنازل البرتقال أبو صرة عن عنصريته التي تبقيه حكراً على الميسورين، وينزل من عليائه ليصبح بمتناول عامة الشعب، فلا ندفع ثمن الكيلو بين العشرة آلاف والخمسة عشر ألف ليرة لبنانية. وكذلك تفاح كفرذبيان الذي تحول إلى جوهر مكنون يستحق أن يتصدر واجهات الصاغة ولا يُهدى إلا لعليَّة القوم مقروناً بقصيدة المتنبي عن خد الحبيبة وثغرها.

 

فليُمنع تصدير الحامض تحديداً، لأن الحاجة إليه لا تقتصر على وظيفته المعهودة في المطبخ، لتتجاوزها إلى علاج نفسي لجميع اللبنانيين. فهم لن يستطيعوا مواجهة كل القرف الذي يُغرقهم إذا لم يكبِّسوا أنفسهم بإبريق من عصيره، حتى لا يشمئزوا من الجهابذة الذين يفهمون ويفتون في الدستور والقانون والقضاء والنفط والاقتصاد والمال والتكنولوجيا. وحتى يتحملوا Overdose النذالة وثقل الدم والقذارة والفساد والاستحمار، وما إلى ذلك من مواهب يفجرها المتشاطرون والمجرمون والجشعون الى السلطة والنفوذ، الذين يواصلون إلتزامهم بقيادة البلاد والعباد إلى أسفل درك من الجحيم. ولا بأس إن اختل الميزان بين التصدير والاستيراد. فهي ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، ما دام رأس المحور الذي يطلب ودّ الأميركيين، من خلال تجميع الأوراق الإقليمية، ويبتلع ضربات العدو الصهيوني ملوحاً بالرد في الزمان والمكان المناسبين، لن يرتدع أو يلتزم معايير تحدُّ من تدخله في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، ونهب هذه الدول والتسبب بإنهيارها ليموّل الإعتداءات بالنار والتخريب وثقافة الكره والحقد على بعض دول الخليج، ما لم يلجمه رفض هذه الدول استباحته لها ومنعه من أن يصول ويجول فيها ويستغلها ليحصل على أفضل المفاوضات التي تصب في مصلحة مشروعه. لن يزيد من سوء حالنا تحول لبنان الى منصة لإستيراد المخدرات وتصديرها. فالأمر ليس أشنع من استيراد نيترات الأمونيوم وتصديرها وإبادة الشعب السوري والتسبب بتفجير نصف بيروت.

 

ولن تتلطخ سمعتنا أكثر مما هي ملطخة بالسرقة والنهب وصولاً إلى تجويع اللبنانيين ليأكل بعضهم البعض الآخر، عوضاً من أن يأكلوا خيرات بلادهم التي تصدر لغايات لا تقتصر على لغمها بـ Overdose من حبوب الكبتاغون، إلى دول يرغب رأس المحور بإضعافها ليستكمل استفراده بالإقليم ويعيد أمجاد أمبراطوريته.

 

ولنطمئن إلى أن التوجه شرقاً بعد أن أمعن مرتزقة المحور في عزلنا عن إمتدادنا الطبيعي عرباً وغرباً، حاصل لا محال. ففي هذا التوجه سدرة المنتهى.