IMLebanon

“كول بالدّين” ولا تعمل أبداً!

يبدأ اللبنانيون سنة جديدة وهم يتمنون لو أن عطلة رأس السنة تستمر حتى نهاية 2015. في الامثال البلدية جذور لهذه الفكرة وأشهرها”كول بالدّين ولا تشتغل الاثنين”، أي التمني ان تكون عطلة الاحد مستمرة، فلا ينزعج المرء للنهوض في اليوم التالي، الاثنين، الى العمل. وللانصاف، لابد من التوضيح ان اللبنانيين بشكل عام شعب نشيط، يدل على ذلك تاريخ هذه المنطقة التي تميزت بحيوية دفعت سكان هذه الارض الى ارتياد الآفاق البعيدة بحثا عن الرزق، ولا تزال هذه الحيوية مستمرة الى أيامنا. ومن معالمها أن أبواب السفارات المكتظة يوميا بطالبي تأشيرات الهجرة هناك الكثير من اصحابها يريدون أن يفوزوا بفرصة عيش أفضل يرتقون بفضلها الى مستويات أعلى قد يبدو من المستحيل الوصول اليها في اوطانهم.أما من قرر البقاء في وطن الاباء والاجداد فلأسباب شتى، من بينها، وهو الشائع، “دبّر حالك كيف ما كان” ، وهذا ما توفره الزبائنية السياسية المعطوفة على طائفية ومذهبية وعائلية وغيرها من عناوين تجد أمثلتها وبوفرة في أحوال القطاع العام الذي يشهد بلا توقف صولات إقتسام المغانم وجولاتها. ولمن يريد مثلا واضحا نطرح ما يدور على حلبة مشروع النفايات. من يعارض المشروع كمن يؤيده يتكلم بالعموميات التي تصح في أستوكهولم كما تصح في بيروت، ولكن شتان ما بين المدينتين. وما دام الوطن يدار على هذا النحو، فلماذا تعب القلب وممارسة العمل اليومي الذي يفترض النهوض باكرا والذهاب في مغامرة زحمة السير الى مكان العمل إذا كان يمكن التمتع بمدخول يجعل المرء ,يتمنى أن تستمر عطلة رأس عام 2015 حتى رأس سنة 2016؟

بالطبع، تبدو هذه الصورة أقرب الى الخيال.لكنها تنطوي على مرارة واقع يعيشه المواطنون في مستهل سنة جديدة مشفوعة بتمنيات طيبة ليس مضمونا أن تتحقق. فلا القطاع العام سيتحول بسحر ساحر الى قطاع فاعل على رغم كثرة المنتجين فيه، ولكن أعطاله كامنة في المهيمنين على مقاديره الذين يرفضون حكم القانون كما ظهرت معالمه سريعا في ستينيات القرن الماضي، ولا القطاع الخاص سينطلق بكل عافيته ما دامت أمراض القطاع العام تتسرّب اليه، والمثال مجددا في النفايات. لكن مع ذلك، هناك كفاح مؤسسات وافراد لا يستكين، يجعل لبنان على ما هو عليه من توهج ظهرت معالمه في عطلة الاعياد.

إذا شئنا أن نختصر القول فسيكون في عبارة:”تنقصنا القضية”.لن تكون هذه القضية”التوازن الطائفي والمذهبي”، ولن تكون “التورط في حروب الطغاة”، كحال “حزب الله” حاليا في سوريا، ولن تكون بالعودة الى أوهام “لبنان سويسرا الشرق”. انها القضية التي يجب ان تولد من احلام الشباب الذين يريدون ان يرتقوا الى الاعلى لا أن يغرقوا في الوحول. اول الغيث سيكون عندما نصل الى واقع يمجد الفضيلة ويفضح الفساد، لا في الغذاء فحسب بل في ثروات لا عرق جبين فيها.