IMLebanon

«حوار السلّة».. من أجل الحوار  

بخلاف مناسبات مماثلة لم تكتسب التحضيرات لـ»حوار السلّة» الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه برّي في 2 و3 و4 آب المقبل، اهتماماً ملحوظاً يعكس احتمال حدوث خرق في الملفات العالقة بدءاً من رئاسة الجمهورية وصولاً إلى قانون الانتخاب. معظم الكتل النيابية المدعوّة إلى هذا الحوار تتعامل معه ببرودة، أو لا تتوقّع منه على الأقل بصيص ضوء في أي من بنوده.

حتى أن الداعي إلى هذا الحوار، وراعيه، أي الرئيس برّي، لا يعلّق آمالاً كبيرة عليه، كما يقول أكثر من زائر لِعين التينة في الأيام القليلة الماضية، حيث لمسوا شعوراً بالمرارة لدى رئيس المجلس نتيجة «تعنّت» بعضهم أو عدم اهتمام بعضهم الآخر إزاء هذه «الفرصة» التي يعتبر أنّها الباب الوحيد المُتاح لتجاوز المأزق السياسي الذي يحاصر المؤسسات الدستورية.

ماذا يعني ذلك؟

أمور كثيرة، يجيب قطب نيابي من 14 آذار، أبرزها أنه لم يعد في الإمكان إنجاز تسوية داخلية بمعزل عن التسوية الإقليمية. وبصرف النظر عن أولوية الاستحقاق الرئاسي أو النيابي التي يدور من حولها سجال لم ينتهِ حتى الآن، فإن العقبات التي حالت دون معالجة هذه الملفات بالمفرّق، كما يضيف القطب، هي نفسها التي تحول دونها بالجملة.

ذلك أن القاعدة المعمول بها لا تقتصر على عدم جواز الفصل بين الملفات الداخلية الشائكة وحسب، وإنما عدم إمكانية الفصل بين العُقد المحلية والإقليمية أيضاً، باعتبار أن لبنان وإن نجا من زلزال الحروب الذي يضرب محيطه، فإن «حزب الله» تمكّن من ربط أزمته بالمنطقة بمجرّد وضعه مفاتيح حلّ أكثر من قضية لبنانية أساسية في جيبه.

وهذا يعني أنه كما أن «حزب الله»، ومعه إيران بالطبع، تمكّن من زجّ لبنان في تداعيات الحرب التي يشارك هو فيها في سوريا، نجح في تعليق العملية السياسية في لبنان لتذخير شروط مفاوضاته المفترضة في المنطقة، من خلال تعطيل نصاب انتخاب رئيس للجمهورية وتعطيل عمل الحكومة وغيرها من الملفات المجمّدة.

ولعلّ أبرز دليل على ذلك، كما يضيف القطب، أداء «حزب الله» إزاء مرشّحَي الاستحقاق الرئاسي، أي رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية، ورفضه دعم ترشيح الأخير رغم أنه حليف له مثله مثل عون، ما أدّى حتى الآن على الأقل، إلى حرق أبرز مرشحين للرئاسة لدى قوى 8 آذار.

وهذه نتيجة أقسى على قوى الثامن من آذار منها على قوى الرابع عشر من آذار التي ذهب بعضهم إلى تعييرها بأنها أقدمت على دعم مرشحين من قوى 8 آذار، وواقع الحال أن «حزب الله» قطع الطريق على فوز مرشحين من 8 آذار.

وفي هذه الحال فإن «ثلاثية حوار السلّة» التي دعا إليها الرئيس برّي مرشّحة لأن تواجه القدر نفسه الذي لاقته جلسات الحوار السابقة، سواء الموسّعة أو الثنائية بين تيّار «المستقبل» و»حزب الله»، أي عدم التوصّل إلى اتفاق لا على «سلّة» ولا على أي بند أساسي من البنود المطروحة.

ولماذا الحوار إذاً؟

يُسارع القطب إلى الإجابة بالقول إنّ الحوار هو غاية بذاتها، أي حوار من أجل الحوار فقط من أجل «تقطيع الوقت» بانتظار جلاء الوضع الإقليمي أو ظهور تسويات موضعية أو شاملة، ومن أجل إبقاء الوضع اللبناني بعيداً عن حريق المنطقة وزلزالها الساخن الذي أكل الأخضر واليابس في أكثر من بلد عربي.

وقد يكون هذا البند الوحيد الذي يتفق عليه أساساً جميع مكوّنات طاولة الحوار، كما يختم القطب، وإن لم يكن مدرجاً على جدول الأعمال.

لكن قطباً وسطياً يؤكد في المقابل أن لا حلّ لمعضلة الشغور الرئاسي عاجلاً أم آجلاً إلاّ من خلال «السلّة»، معتبراً أنها تختصر المسافات والكلفة، ذاهباً إلى حدّ الجزم بأنه لو جرت انتخابات نيابية قبل الانتخابات الرئاسية لن يُنتخب رئيس للجمهورية من دون «سلّة».