استفاق العالم صباح أمس على الاعلان المفاجئ لانتهاء «عاصفة الحزم»، والذي لا يعني بالتأكيد، كما اوضح من دون لبس المتحدث السعودي باسمها، وقفا لاطلاق النار، وهو ما تأكد في اليوم نفسه عبر تبادل القصف بما فيه الجوي. فقد حققت العملية العسكرية التي ساهمت فيها عشر دول عربية اهدافها الاساسية: حماية امن دول الجوار وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، اعادة الشرعية، وقف تمدد النفوذ الايراني عبر توسيع الحوثيين مناطق سيطرتهم.
وعلى عادة الدائرين في الفلك الايراني بتحويل الهزيمة الى انتصار، رأت وسائل اعلام لبنانية مقربة من «حزب الله» في الاعلان فشلا للسعودية. لكن سياسيا لبنانيا متابعا بدقة لتطورات اوضاع المنطقة يلفت الى جملة مؤشرات تتقاطع لتوحي بدلائل تغيير ما في موقف ايران وكذلك روسيا من الازمة اليمنية ساهم في سرعة إعلان عن الانتقال الى مرحلة «اعادة الامل» التي تفتح الطريق لحل سياسي يرتكز حكما على تنفيذ قرار مجلس الامن رقم 2216 الذي صدر تحت الفصل السابع وينص خصوصا على اعادة الشرعية وعلى الامتناع عن دعم الحوثيين بالسلاح.
فقد سارعت ايران للترحيب خصوصا بعد توجه حاملة الطائرات الاميركية «تيودور روزفلت» والطراد «نورماندي» الى بحر العرب للانضمام الى سبع قطع بحرية متوقفة قرب باب المندب «لبقاء ممرات الملاحة الحيوية في المنطقة مفتوحة وآمنة»» ولحماية المياه الاقليمية اليمنية في ضوء اقتراب قافلة سفن ايرانية. كذلك اتصل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بفلاديمير بوتين الذي امتنعت بلاده عن استخدام حق النقض في وجه القرار 2216 وهو القرار الذي ارتكزت بنوده على بنود المبادرة الخليجية التي سبق ان اعدت لحل الازمة اليمنية، لكن الحوثيين كما الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح تنصلوا من تنفيذها بمساندة طهران.
ويتساءل المصدر عما اذا كانت العملية الانتقالية في اليمن، التي لم يتوقع انطلاقها فورا وانما فتح الباب امامها، قد انجزت بتوافق سعودي-ايراني ما تحت عباءة اميركية، وعن احتمالات انسحاب ذلك على سوريا وسائر الدول المأزومة في المنطقة.
فـ«عاصفة الحزم» التي لم ينقضِ شهر على انطلاقها أسقطت 944 قتيلا واكثر من 3500 جريح وفق ارقام «منظمة الصحة العالمية« و«الصليب الاحمر الدولي«، فيما اوقع القصف الكيماوي وحده الذي شنه النظام السوري على شعبه عام 2013 ضعف هذا الرقم من دون ان يدفع ذلك الولايات المتحدة الى تنفيذ تهديداتها، فاكتفت بتعهد ضمان تخلص النظام من هذه المواد.
لكن «الصحوة العربية» التي جسدتها «عاصفة الحزم» وفرضت المشاركة في البحث في توازن المنطقة، كما سرعة التحرك الدولي بشأن اليمن وصدور قرار مجلس الامن الذي اضفى شرعية دولية على «عاصفة الحزم» ولاحقا التحركات البحرية الاميركية، جميعها ساهمت في الاسراع بالانتقال من العملية العسكرية البحتة الى عملية تفتح باب الحل السياسي.
ويتساءل المصدر عما اذا كان الدرس اليمني مفيدا بشأن الازمة السورية فبنظره مرد التلكؤ الغربي بوجه عام والاميركي بوجه خاص هو اعتبار ان ازمات المنطقة محصورة بدولها ولن تتمدد لتطال استقرار بلدانهم. ويوضح أن ما شهده مقر صحيفة «شارلي ايبدو» اضافة الى ما شهدته كوبنهاغن وسواها وتزايد اعاد الملتحقين بالمتطرفين، كما الهاربين من الحروب الذين حولوا البحر المتوسط من بحر تواصل الى مقبرة جماعية، سيقنعهم بان العنف يتمدد كالنار في الهشيم. وهو يلفت الى جملة نقاشات تحمّل حكومات غربية مسؤولية غض الطرف عما يشهده الشرق الاوسط، خصوصا وان ذبح مواطن بريطاني مثلا يغير دون شك نتائج الانتخابات.
كما يلفت الى ان ما يحول حتى الآن دون امكان قيام تحالف عربي يشابه التحالف الذي اطلق «عاصفة الحزم»، هو الخلاف العربي والاقليمي على دور «الاخوان المسلمين» رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها وتبذلها مثلا الرياض لنسج تناغم مصري-تركي بشأن هذه القوى.