نحو 3 آلاف جهاز اتصال (البيجر)، معظمها من طراز «إيه بي 924»، أحدث طراز طلبه «حزب الله اللبناني» من تايوان لعناصره، فجّرتها إسرائيل عن بُعد بما يعتقد انهم مقاتلي احتياط لدى الحزب في وضح النهار وفي أماكن مختلفة من لبنان وقد طالت الأراضي السورية وسط المدنيين والتي أدّت بالفعل الى استشهاد وإصابة العديد منهم، وأشارت احصاءات لبنانية رسمية إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة نحو 2800 آخرين جراء الانفجارات. يُرجّح ان جهتين في إسرائيل تقفان خلف الجريمة هما جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) والجيش. من جهته حزب الله اللبناني حمّل إسرائيل المسؤولية، وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد أفادت نقلا عن مسؤولين أميركيين وآخرين لم تُسمّهم، قولهم إن أجهزة النداء اللاسلكية التي انفجرت «صنعتها شركة غولد أبولو التايوانية وفخختها إسرائيل قبل أن تصل إلى لبنان».
يعتبر جهاز البيجر من التقنيات القديمة نسبيا، والتي لا يمكنها الاتصال بالإنترنت، ولذلك يعتبر آمنا نوعا ما من الاختراقات السيبرانية ومحاولات التجسس والتتبع الشائعة عند استخدام الهواتف المحمولة أو الذكية، ولهذا فهو لا يزال يستخدم في المجالات العسكرية والأمنية، وهذا على الأرجح السبب الذي يدفع عناصر «حزب الله» إلى امتلاك هذه الأجهزة.
أبرز التفسيرات أن شريحة ما تم زرعها في كافة أجهزة البيجر قبل استيرادها واستخدامها من قبل عناصر «حزب الله». وفعلت هذه الشريحة من خلال موجات الراديو المرسلة عبر طائرات مسيّرة تم إطلاقها في مختلف أرجاء لبنان من قبل إسرائيل، بحيث تعمل تلك الموجهات على تفجير الشريحة أو رفع سخونة بطارية الجهاز، مما يؤدّي إلى انفجارها.
كما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» نظرية أخرى، حيث قالت نقلا عن شركة «لوبك إنترناشيونال» الأمنية إن سبب انفجار أجهزة الاتصال في لبنان هو على الأرجح برمجيات خبيثة، مضيفة أن تلك البرمجيات رفعت حرارة البطاريات، مما أدّى إلى انفجارها.
المواد المتفجرة التي دُسّت في تلك الأجهزة تزن حوالي أونصة إلى اثنتين. الهجوم بدأ الساعة 3:30 عصرا بتوقيت لبنان، حيث أرسلت الأجهزة رسالة في البداية لتبدو وكأنها قادمة من قيادات «حزب الله»، ثم بدأت تلك الرسالة بتفعيل الشحنة المتفجرة.
بالتأكيد ليست خطورة الجريمة التي وصفت بجريمة الحرب في التفاصيل التقنية مع تطور الثورة التقنية والتكنولوجية والقدرة التي تتمتع بها إسرائيل وحلفاؤها والتي سجلت نصراً تكتيكياً مهماً ومباغتاً على حزب الله، بل في القرار السياسي الذي أعطى الضوء الأخضر لتنفيذ العملية، في الدلالات فإن نتنياهو يمعن باستفزاز محور المقاومة منذ مدة طويلة بهدف استدراجها للحرب الشاملة من البوابة اللبنانية التي تتورط فيها واشنطن بشكل مباشر، ما يغري تل أبيب بالاستمرار هو تواضع الردود السابقة على تخطّي إسرائيل الخطوط الحمراء واحداً تلو الآخر وتوالي استدراج عروض التهدئة في إيران وتكرار التصريحات بان جبهة المقاومة لا تريد للحرب أن تتوسّع، لكن العملية الأخيرة زادت من احراجات طهران وبيروت وصنعاء وبغداد، وبالتالي يبدو ان نتنياهو ربما قد نجح في استدراج المنطقة للسيناريو الأسوأ، على ان حزب الله اللبناني تحديداً ليس باللقمة السائغة ولديه حساسية كبيرة تجاه استهداف بيئته وهو بالتأكيد ملزم بتخطّي الردود النمطية فهل يستطيع ذلك وكيف؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة عن السؤال الكبير.