Site icon IMLebanon

هوكشتاين لن يزور لبنان لـ«البصم على الفشل»؟!

 

 

 

في انتظار معرفة النتائج المترتبة على عملية تفجير شبكة «البايجر» غير المسبوقة، وما يمكن ان تعكسه على المفاوضات الجارية على جبهتي غزة وجنوب لبنان، وتقدير الردّ الذي سيقوم به «حزب الله»، لا يمكن للمراقبين ان يتجاوزوا ما انتهت اليه زيارة الموفد الرئاسي الاميركي عاموس هوكشتاين لتل أبيب، بعدما سبقتها وواكبتها وتلتها التهديدات الإسرائيلية تجاه لبنان، إلى درجة عززت الاعتقاد بأنّها لم تكن ضرورية. وخصوصاً إن ثبت أنّه لم يغيّر شيئاً في ما رسمته الإدارة العميقة، بعدما تطابقت الظروف المعقّدة التي سبقتها وزادت منها التي تلتها. وهذه بعض المعطيات والمؤشرات الدالة.

مما لا شك فيه انّ العملية التي استهدفت شبكة «البايجر» الخاصة بـ «حزب الله» والمجزرة التي تسببت بها في بيئته على مساحة لبنان وفي مناطق سورية، بكل المعايير العسكرية والأمنية بعد التقنية، وصولاً الى ما يمكن ان تؤدي اليه الحروب السيبرانية والالكترونية، وخصوصاً انّها اتخذت اشكالاً جديدة غير مألوفة، بالنظر الى ما تسبّبت به من «قتل جماعي» استهدف آلاف مستخدمي هذه الأجهزة.

 

والأخطر عند التعمّق في مجريات العملية والآلية التي استُخدمت لتنفيذها، أنّها كانت سريعة لوقوعها في دقائق. بطريقة لم تسمح لأي مصاب في الدقائق الاولى منها ان يُنذر رفيقاً له. ولذلك، تحولت عملية قابلة للتفسير في أكثر من اتجاه. ذلك انّ حروباً شهدت في اولى مراحلها ضرب البنية التحتية العسكرية، ولا سيما المتصلة بشبكات الإتصال الضرورية لإدارة المعارك والتواصل بين القيادة والقوى المنتشرة على الأرض، ما يفقدها القدرة على التحرّك بفاعلية، عدا عن المسّ بمعنويات المقاتلين.

 

وبمعزل عن هذه القراءة البدائية، وربما السطحية لما حصل، وإلى ان تتضح الحقائق المحيطة بها، ومعها الظروف التي مهّدت للعملية وما رافقها والنتائج التي ستترتب عليها، فإنّ من الواجب انتظار نتائج التحقيقات الجارية، لكن لا بدّ من الربط ولو زمنياً بين ما جرى وما رافق زيارة الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين إلى تل أبيب، حاملاً اقتراحات اميركية بديلة من تلك التي كانت للرئيس جو بايدن، والتي رفضتها تل أبيب، منذ صدور قرار مجلس الامن الدولي في 10 حزيران الماضي.

 

وقياساً على ما يمكن اعتباره تطابقاً بين ما أراده هوكشتاين وما انتهت إليه جهوده، يتبين أنّه لم يلق آذاناً صاغية. وهو امر كشفه أحد اصدقائه اللبنانيين كان على تواصل معه قبل ساعات قليلة على زيارته. فنقل عنه ما تطابق مع ما تسرّب لاحقاً عن لقاءاته وإلاسرائيليين، بدقة وبالعبارات عينها التي تحدث عنها سلفاً. وأبرزها حاجته الى وقف للنار في غزة وإجراء عملية التبادل بين الأسرى والمعتقلين، قبل الحديث عن مصير اتفاق الحدود الجنوبية. وإن انتهى الى ما يشتهيه سيزور بيروت وفي حال العكس لن يضيّع وقته.

 

وعن أوراق القوة التي حملها هوكشتاين، نُقل عنه انّه كان متيقناً بأنّ اي اتفاق في غزة سينعكس وقف «الحرب الشاملة» التي تلحق الأذى بإسرائيل ولبنان وقبلهما بالمصالح الحيوية الاميركية على حدّ سواء. وهو يسعى إلى تسويق أي إنجاز لصالح كامالا هاريس في انتخاباتها الرئاسية. بالإضافة الى قناعته بأنّ حرباً شاملة لن تبقى محصورة بالقوى الإقليمية المنخرطة فيها وتستدرج إليها من لا يريدونها.

 

ولم يخف المتحدث مخاوف هوكشتاين على الداخل اللبناني بما يتعدّى أي ضربة لـ «حزب الله». فأي حرب شاملة تهدّد بالإساءة إلى الجيش اللبناني الذي قد لا يقف متفرجاً إن استهدفته اسرائيل، وهو أمر لا يتحمّله البلد. وأي مواجهة ستكون «كارثية» مع قائد «مجنون» من آل نتنياهو مدعوم دولياً حتى العمى، وهو اليوم في افضل اوضاعه، ويمكنه تحقيق رغبته باستدراج إدارة بايدن إلى حرب تأتي بدونالد ترامب إلى البيت الابيض. ولذلك، وإن لم ينجح في وقف الحرب من الأفضل ان تبقى ضمن قواعد الاشتباك المعمول بها، بهامش عنف مدوزن لا يقود إلى «الحرب المرفوضة».

 

وانتهى صديق هوكشتاين إلى القول، انّه كان على ثقة بأنّ لبنان الرسمي بات جاهزاً لتغطية اي اتفاق يمكن التوصل إليه مع «حزب الله»، بما يضمن الحدّ الأدنى من الأضرار. ذلك انّ اي حرب ستقضي على ما تبقّى من البنية التحتية. فالخوف لم يعد متأتياً من غزة، وانّ لبنان بات المصدر الوحيد الذي يمكن أن يستمد منه نتنياهو رغبته في الحرب، ومن يعترض على توجّهاته قد يدفع الثمن. فمسلسل الاستقالات في حكومته لم يؤثر على مصدر قوته، وانّ استبدال بعض القادة العسكريين لن يغيّر في الخطط الموضوعة للحرب من جانب الإدارة الاسرائيلية العميقة، التي لم ولن تتغّير، وهي ستنفّذ في النهاية.

 

وبناءً لما تقدّم يبدو واضحاً انّ ما نوى إليه هوكشتاين لم يغيّر في إصرار الاسرائيليين بالدفع في اتجاه عملية عسكرية ضدّ لبنان، وهو لن يزور لبنان لـ»البصم على الفشل». وهو ما ادّى الى طرح السؤال: هل ضرب شبكة اتصالات الحزب يمهّد لمثل هذه الضربة؟ ام أنّ اسرائيل تنتظر رداً من «حزب الله» لاستدراج المنطقة اليها؟

 

هل ضرب شبكة اتصالات الحزب يمهّد لضربة عسكرية إسرائيلية أم أنّ إسرائيل تنتظر ردّ «حزب الله» لاستدراج المنطقة إليها؟