يُعرف عن الرئيس نبيه بري أنّه صريح للغاية… وهكذا يمكن القول إنّ لقاءه، أمس، نقيب وأعضاء مجلس نقابة الصحافة اللبنانية اتسم بكثير من الصراحة، فهو لم يرتدِ القفازات، وجاء كلامه علی بساط أحمدي حتى في نقط حسّاسة وقضايا حرجة. ولقد استوقفني فيه، الكثير مّما يمكن التعامل معه، في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ الوطن. ولعلّ أبرز ذلك الكلام حديثه المسهب عن ضرورة تعديل الدستور لتستقيم أمور عديدة، خصوصاً وأنّ هذا الدستور ليس «إنجيلاً ولا قرآناً»، بل إن فيه «كثيراً من النواقص» على حدّ تعبيره. ومع أن رئيس المجلس لم يعدّد تلك النواقص الكثيرة، إلاّ أنه اكتفى بذكر أكثرها أهمية في تقديرنا وهي ذات الصلة بصلاحيات رئيس الجمهورية.
«رئيس الجمهورية مجبور يمضي (يوقّع) ضمن مهلة محدّدة أمّا الوزير فلا!» قال دولته، وسأل: «هيدي كيف بتصير؟»! ومضى جازماً «لازم كل العالم (المسؤولين) تتقيد بمهلة وليس رئيس الجمهورية وحده… وإذا كانت المهلة أسبوعين لرئيس الجمهورية فلا يجوز أن تتجاوز الأسبوع الواحد للوزير.
ولاحظ رئيس مجلس النواب أنه في دول العالم كلّها هناك وقت محدّد لتأليف الحكومة.
واستدرك أن هذه النقطة أثيرت في الطائف (وأنا لم أكن فيه، قال) ولكنها رُفضت.
ولعلّ الرئيس نبيه برّي هو أحد قلّة من السياسيين، بل هو في طليعتهم، الذي يقول رأيه في الحراك من دون أي تردد أو تمويه، منذ أن «حسّ نفسه» واحداً منهم (الحراكيين) في انطلاقتهم… الى أن تبيّن له أن «الجَمَل بنيّة والجمّال بنيّة، والحمل بنيّة»… آخذاً على الحراك «قطع الطرقات وحرق الإطارات والاعتداء على المؤسسات».
وكذلك استوقفني في كلام الرئيس نبيه بري ما أسهب فيه حول التقنيين المستقلين. مين عمبينقي الوزراء؟ وأجاب عن السؤال الذي طرحه: يختار الوزراء نبيه بري وجبران باسيل والسيد حسن (…) والتقني الذي سأسميه أنا ألن «يطاوعني»؟ بيكفي بقى عناوين فارغة.
وكان واضحاً ومباشراً عندما حذّر في إطار تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية، من أنّ المستقبل القريب خطر! ولكنه لم يجد الأفق مسدوداً، اذا شكلت الحكومة وجرى «تطبيق القانون»! فهاتان الكلمتان السحريتان فيهما يكمن الحل: «تطبيق القوانين»، وعليه فإنّ أوّل مهام الحكومة الجديدة «تشكيل خلية أزمة» لمواجهة فمعالجة الوضع المالي.
الرئيس نبيه بري الذي بينه وبين نقيب الصحافة ومجلس النقابة علاقة وطيدة عنوانها الاحترام المتبادل والمصارحة الصادقة، كان أمس في صراع داخلي لم يُخْفَ عنّي: بين ألم لما آلت اليه الأحوال، وثقة وأمل بقدرة هذا الوطن على النهوض.