Site icon IMLebanon

في قصر «الجنرال»: «علم الشعب» يعود إلى «بيته»

عشرون يوماً من عمر الرئاسة. مناسبتان «شعبيتان» لم تعكسا سوى العودة المقصودة إلى «الأصل».. وتحديداً إلى مخاطبة الشعب مباشرة!

المناسبة الأولى لقاء «تهنئة شعبية» في «بيت الشعب». الرئيس ميشال عون استضاف وخاطب جمهوراً من لون واحد راهن على وصوله، مهما كان الثمن، إلى حيث يجب أن يكون. استعاد معه مرحلة النضال السلمي بعد النضال المسلّح، وصولاً الى تأسيس «التيار الوطني الحر»، مبشّراً بمرحلة «لن يستطيع فيها أي رأس من الآن وصاعداً أن يخرق الدستور».

المناسبة الثانية، احتفاء رئاسي بـ«علم الشعب الذي يعود الى الشعب»، لكن من دون رسائل سياسية. المشهد يمسّ الوجدان العوني وإن حرص عون في كلمته على التأكيد بأن هذا العلم شكّل يومها رمز الوحدة ورفض التقسيم. مكتب رئاسة الجمهورية بنفسه أصدر بياناً تفصيلياً عن العَلم، عن طوله وعرضه و»قصّته»، عكس بين سطوره جزءاً من حقبة نضالية من أيام القصر وما بعد 13 تشرين الأول 1990. سابقة أخرى في القصر بعد «مهرجان التهنئة»، ورسالة واضحة من الرئيس الذي صار «بيّ للكل» بأن «الماضي» هو الذي صنع الحاضر.

يحتفل رئيس الجمهورية بالعلم اللبناني كما لم يحتفل به أي من رؤساء الجمهورية الذين سبقوه. العلم العملاق هي فكرة ابتكرها ناجي خوري أحد الشباب العونيين في العام 1989 خلال التظاهرات الشعبية الى قصر بعبدا. لاحقاً احتفظت به «ناطورة المفاتيح» ليلى الهبر، كما يسمّيها عون نفسه، ثم خبّأته لمدة خمسة عشر عاماً تحت درج منزلها. لم يخرج إلى النور إلا مع العودة من «المنفى الباريسي» في ربيع العام 2005، وبقي العلم «مستريحاً» الى اللحظة التي انتخب فيها «الجنرال» رئيساً للجمهورية.

السبعينية العونية، مسوؤلة الأرشيف السابقة لكل نشاطات «بيت الشعب» وأقوال «جنراله» في زمن الحكومة العسكرية، فرضت حكايتها مع العَلم على بروتوكول القصر الجمهوري. لكن الفكرة والتنفيذ لكلودين عون روكز ابنة الرئيس. هي الوحيدة التي كتمت السرّ التي باحت إليها به ليلى الهبر بوجود العلم الموقّع من قبل 126549 لبنانياً في منزلها طوال فترة النفي.

وصل العَلم إلى القصر الجمهوري منذ أيام، لكن بالأمس احتفل به وفق برنامج حدّدته المديرية العام لرئاسة الجمهورية فرع المراسم والعلاقات العامة بمناسبة عيد العلم.

لا وجوه سياسية ولا حزبية باستثناء الوزير جبران باسيل رئيس «التيار الوطني الحر». حضرت بنات «الجنرال» ميراي (المستشارة السياسية الأولى) وكلودين (المستشارة المتخصصة في الأنشطة والمناسبات والأحداث) وشانتال وأولادهنّ وروي الهاشم زوج ميراي، فيما لم يحضر العميد شامل روكز، إضافة الى عدد صغير من الأصدقاء.

يحمل عناصر الكشاف العلم العملاق (21 متراً بمساحة 210 أمتار مربعة) بمواكبة فرقة موسيقى الجيش إلى داخل القصر، فيما أمّنت أفواج الكشاف التشريفات على الجهتين من مدخل رقم 3 حتى النافورة. ثم يفلش العلم على قاعدة كبيرة جهّزت له في وسط الباحة الداخلية قبل دخول رئيس الجمهورية، وسط أناشيد «فرقة الفيحاء» الطرابلسية التي تمركزت أمام لوحة «إعلان بعبدا» فحجبتها تماماً عن الرؤية!

بعد كلمة عون المقتضبة، يأخذ الأخير صوراً تذكارية مع الكشاف و «فرقة الفيحاء» برفقة زوجته ناديا التي تظهر للمرة الأولى الى جانب رئيس الجمهورية في نشاط رسمي في قصر بعبدا.

لن يُرفع العلم بأي مكان في الخارج، كما تردّد سابقاً، بل سيخصّص له، كما تقول كلودين عون لـ «السفير»، «منصّة عرض داخل باحة القصر سيشرف على تقديم دراسة عنها أحد المهندسين وستعرض الأفكار علينا لنقرّر بعدها الأنسب والأفضل بحيث يصبح العَلم من المعالم الأساسية في القصر الجمهوري».

في كلمته المقتضبة والمرتجلة، قال عون «هذا العلم قد سُجن معنا طوال خمسة عشر عاماً، وأُنقذ بفضل السيدة ليلى الهبر التي حفظته طوال تلك الفترة، وها نحن اليوم نحتفل بعودته إلى بيته الحقيقي، بيت الشعب».

وقال «فكرة التظاهرة التي حصلت في حينه والتوقيع على العلم لم يكن الهدف منها التظاهر بحد ذاته. ففي تلك المرحلة كان لبنان مقسّماً الى أجزاء، وكل ميليشيا كانت تسيطر على جزء من الوطن، وكان لها علمها الخاص. لم يبقَ سوى بيت الشعب هنا يرفع الأعلام اللبنانية».

أضاف «كانت كل الأطراف المتقاتلة تتهم بعضها البعض بأنها تريد تقسيم لبنان، ومن هنا جاءت فكرة هذا العلم. وقد وضعه المنظمون لبعض الوقت على معبر المتحف كي يتمكّن المواطنون في بيروت الغربية آنذاك من تخطّي المعبر والتوقيع عليه»، مؤكداً أن «هذا هو المغزى الحقيقي الذي جعلنا نقرّر هذا التحرك في حينه كي يتمكن اللبنانيون من التعبير عن وحدتهم ولينضووا تحت علم بلادهم».

يذكر أن العلم سيبقى في قصر بعبدا خلال الاستقبال الرسمي الذي سيُقام يوم عيد الاستقلال غداً، على أن يحفظ بعد ذلك في مكان خاص في القصر الجمهوري.

الجدير ذكره أن عون سيوجّه في الثامنة من مساء اليوم رسالة الاستقلال الأولى في عهده، عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.