Site icon IMLebanon

القصر «يقاوم» النسيان بانتظار.. رئيس لبنان

 

يقترب قصر بعبدا من تخطي عامه الاول في ظل الشغور الرئاسي. ففي روزنامة الأيام يعاني القصر الفراغ منذ أكثر من 285 يوما، وفي11 آذار الجاري يسجل المجلس النيابي محاولته العشرين لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية لكن المعطيات السياسية تشير إلى أن هذه المحاولة لن يكتب لها النجاح أيضا. 

وبرغم ضبابية الموعد الذي سيتربع فيه الرئيس الجديد على كرسي بعبدا، يحاول القصر أن لا يستسلم لهذا الواقع المر شكلا ومضمونا، من دون أن ينجح في ذلك تماما، فزائر القصر الرئاسي يلاحظ خلو الطريق المؤدي إليه من أي مواكب رسمية آتية لزيارة الرئيس، وانطفاء نافورة المياه في الباحة الخارجية يشي بأن قلب الرئاسة الاولى وعقلها غائب، فيما تحاول باقي شرايين القصر عدم الإستسلام للموت السريري الذي يزحف إليها مع تراكم أيام الفراغ والشغور عبر تشغيل ورشات الصيانة والتحسينات في القصر، منذ مغادرة الرئيس ميشال سليمان سدة الرئاسة والتي تبدو ملحوظة سواء على المدخل الخارجي، أو في مواقف السيارات أو الآليات أو في أرجاء القصر الداخلية من قاعات ومفروشات، مستغلين حالة الصمت التي تعم مكتب الرئيس والقاعات المخصصة لاستقبال الزوار.

في المضمون يقاوم القصر وموظفوه التهميش والنسيان وإلغاء الدور. فوفق موجبات الدستور، «بغياب رئيس الجمهورية، تراجع المديرية العامة وتنسّق مع رئاسة الحكومة في كافة التفاصيل التي توجب حصول هذا التنسيق«، لذلك ينكب الجميع على تطبيق الهيكلية الجديدة التي وضعت للقصر في بداية العام 2013، ولم يكن الوقت كافيا لتطبيقها بحذافيرها لإنشغال المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، في الموازنة بين واجباتها تجاه رئيس الجمهورية وبين تطبيق هذه الهيكلية التي تحتاج إلى دورات تدريبية مكثفة للموظفين، على حد تعبير مدير عام رئاسة الجمهورية أنطوان شقير لـ«المستقبل«، لافتا إلى أن «القصر مستمر في أداء دوره من خلال متابعة المديرية العامة لرئاسة الجمهورية أعمال مجلس الوزراء ودرس الملفات وجدول الأعمال، حرصاً على إستمرارية هذا المرفق العام وضمان إستمرار إطلاعه على الملفات التي تخصه بإنتظار مجيء الرئيس المقبل، عندها تكون الصورة واضحة أمامه عما جرى في فترة الشغور». 

يمكن الجزم بأن هذا الدور المستجد للقصر ليس ما يطمح إليه أي من القيمين عليه حاليا سواء في المديرية العامة لرئاسة الجمهورية أو الموظفين الذين غالبا ما يتابعون كل جديد حول الملف الرئاسي، لأنهم على يقين أن الحياة لا تعود إلى القصر إلا بإنتخاب رئيس، لكنهم يحاولون الاستمرار بتطوير العمل الاداري والتقني للقصر، وفي هذا الاطار يشير شقير الى أن «هذه الاستمرارية تتحقق بدعم وتوجيهات رئيس الحكومة تمام سلام، ولذلك فالمدير العام يحضر جلسات مجلس الوزراء ويطلع على كافة الملفات المطروحة كتطبيق للقاعدة التي تنص على ذلك في النظام الداخلي لمجلس الوزراء، وإلى جانب ذلك يعيش القصر ورشة إدارية وتنظيمية ومعلوماتية أفقيا وعموديا، أي أنه يتم العمل على تطوير العمل الاداري بين جميع الوحدات الادارية في المديرية العامة، كتنفيذ للهيكلية الادارية التي تم إقرارها في العام 2013 ولم تنفذ بحذافيرها بسبب الانشغال بين الاهتمام بنشاط الرئاسة وبين تطوير العمل الاداري، أما اليوم ففي ظل الشغور نسعى لمأسسة المديرية وتطويرها على صعيد المعلوماتية ونحاول مكننة النظم الادارية الموجودة (مثل مديرية الموارد البشرية ودائرة المحاسبة وأعمال مجلس الوزراء)، كما نسعى إلى إنشاء شبكة بين المديرية ورئاسة مجلس الوزراء عبر شبكة معلومات واحدة على أن ترتبط لاحقا بمجلس النواب«. 

من معالم التطوير الاداري الذي يعيشه القصر هو الارشفة الالكترونية لجميع المراسيم، ووضعها في قاعدة معلومات واحدة بعد أن تم نسخ جميع المراسيم التي صدرت منذ عهد الرئيس بشارة الخوري ولغاية عهد الرئيس سليمان، ويشير شقير إلى انه «يعمل حاليا على نسخ وإدخال وأرشفة جميع القوانين التي صدرت منذ عهد الرئيس الخوري وحتى اليوم وعددها 5000 قانون. كما يقوم قسم الرؤساء السابقين في المديرية (الذي أنشئ حديثا مع الهيكلية الجديدة)، بأرشفة وجمع كل الصور والافلام والوثائق عن رؤساء الجمهورية السابقين إما عبرهم شخصيا أو عبر أنسبائهم، بالإضافة الى إنشاء بريد داخلي وخارجي وتنظيم دورات تدريبية لكل الموظفين الذي بدأ منذ حزيران 2014، والذي سيستكمل هذا العام بدورات متخصصة لكل الفروع والدوائر وإستكمال ورشة الصيانة في جميع أبنية القصر وآلياته وموجوداته لكي يكون كل شيء جاهزاً عند مجيء الرئيس العتيد«.

في المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية النشاط مستمر كما باقي أقسام المديرية، وإن كان الجميع يفضل العودة الى «عجقة» الاهتمام بأخبار رئيس الجمهورية وتوزيعها، حيث يعمد المكتب حاليا والذي أوكلت مهمة إدارته إلى الدكتور ناجي غزيل، الى ترتيب الملفات وأرشفتها، وتحضير كل ما يكتب ويهم الرئاستين الاولى والثانية عبر تقارير ترسل إلى رئاسة مجلس الوزراء، كما يتناوب الموظفون فيه على الحضور ضمن دوامات نهارية ومسائية وخلال فترتي قبل الظهر وبعده، وينصرف هؤلاء الموظفون الى تأمين إستمرارية العمل والتحضير للمرحلة المقبلة.

إذن، في غياب قلب رئاسة الاولى، تحاول شرايين قصر بعبدا أن تبقي نبض الحياة فيها عبر العمل الاداري والتقني، أما المهمات العسكرية المنوطة بلواء الحرس الجمهوري لتأمين الحراسة لأمن القصر، في بعبدا وبيت الدين، فقد طرأ تغيير عليها منذ أحداث عرسال 2014، حيث تمّ توسيع مهام لواء الحرس الجمهوري، وتمّت الاستعانة بضباطه وعناصره للانتشار في المناطق المحاذية للقصر، وصولا الى إقامة الحواجز على تخوم الضاحية الجنوبية.