نتفهّم الأسباب الحقيقية والدوافع التي حَدَتْ بالإمارات العربية المتحدة الى عقد اتفاق مع العدو الصهيوني… فكما يقول المثل: «ليس حبّاً باليهود» ولكن نكاية «بالفرس والمشروع الفارسي»، إثر التصريحات والتلميحات الكثيرة، التي أدلي بها مسؤولون إيرانيون، بدءًا بالمرشد الأعلى للثورة الاسلامية الايرانية آية الله السيّد علي خامنئي مروراً بالرئيس الخامس للجمهورية الايرانية محمد خاتمي الى مستشار المرشد الايراني للشؤون الدولية ووزير الخارجية الايراني الأسبق علي أكبر ولايتي رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام… الذي فاخر ذات يوم أنّ نظامه يسيطر على 4 عواصم عربية هي: بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، ما دفع بالملك عبدالله الثاني ملك الاردن الى التعليق على هذا الكلام محذّراً من إقامة «الهلال الشيعي» الذي وضعته «إيران» هدفاً استراتيجياً أمامها.
أكرر القول، إننا نتفهم تخوّف دول الخليج من إيران، فطموح المشروع الفارسي كبير، يرمي الى السيطرة على المنطقة -وهذا ما ورد في تصريحاتهم-.
ولن ننسى أنّ الإمارات العربية المتحدة شهدت إحتلالاً إيرانياً لجزرها الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى اللتان تتبعان إمارة رأس الخيمة وجزيرة «أبو موسى» التي تتبع إمارة الشارقة. هذا الاحتلال الايراني الذي نفذته إيران في 30 تشرين الثاني عام 1971. وأبو موسى هي واحدة من ستة جزر تشكّل أرخبيل مضيق هرمز.
وبالرغم من المحاولات المتعدّدة والصادقة، التي قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، رجل السلام المعروف بحكمته وصدقه وحنكته، والقادر على حلّ أصعب المشاكل، بدءًا بقطر والمملكة العربية السعودية… أقول بالرغم من ذلك كله… لم تحل المشكلة… حتى أيام الشاه وصولاً الى عهد الخميني.
ونعود الى ما بعد الاتفاق بين الإمارات والعدو الاسرائيلي لنقول: إنّ وفوداً تتنقل بين الإمارات وفلسطين المحتلة. وهنا يحضرنا سؤال لا بد منه: هل يظنّن أحد أنّ الشعب الخليجي راضٍ عن ذلك؟
يا جماعة… قضية فلسطين مقدّسة، واغتصابها من قبل غزاة عرفوا بتطرفهم وحقدهم على العرب، شيء لا يمكن نسيانه..
قضية فلسطين متجذّرة في قلوب العرب، فهي ليست قضية حكام. وأكبر دليل على ما أقوله انه في العام 1978، أُبْرِمتْ اتفاقية «كامب ديڤيد»، بين أكبر دولة عربية وبين العدو الاسرائيلي… فماذا كانت النتيجة؟
على الصعيد الشعبي، لم يتم التطبيع… فاليهود فشلوا في «جذب» المصريين إليهم بالرغم من كل الإغراءات… لسبب بسيط هو أنّ القضية الفلسطينية لم تحل بعد، وحقوق الفلسطينيين العرب، لا يُسْمَح بتجاهلها والقفز فوقها… كلامنا بالتأكيد ليس مزايدة على أحد، ولا ندّعي بأننا وطنيون وأنّ بقية الناس عملاء…
لكننا نقول وبكل هدوء وبتروٍّ موضوعي… إنّ العلاقة مع اليهود مستحيلة… ولا أحد أقدر من الفلسطينيين على فهم صعوبتها واستحالتها… كما أنّ لسوريا ولبنان دوراً في فهم استحالة مثل هذه العلاقة، إذ لا يمكن أن ننسى غزو لبنان مراراً واحتلال العدو لبيروت، وهي أول عاصمة عربية تتعرّض لاحتلال هذا العدو…
حجة العدو لتبرير احتلال أراضٍ لبنانية، طرد منظمة التحرير الفلسطينية… لكنهم واصلوا احتلالهم حتى بعد انسحاب المنظمة… ولا تزال هناك أراضٍ لبنانية محتلة… ونتذكر مع كل هذا الدمار الكبير الذي خلفته جيوش العدو إبّان احتلالها.
كما نتذكر مبادرة المرحوم الملك عبدالله بن عبدالعزيز في بيروت عام 2002، التي أقرّت مبدأ السلام الكامل مقابل إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف.
وهل يمكن تجاهل دور دولة الكويت وتاريخها الطويل، في دعم الفلسطينيين، وأظن أنها تتمهّل في الجنوح للسلام حتى تتأمّن حقوق الشعب الفلسطيني، ويصبح الاتفاق مقبولاً شعبيّاً ورسمياً.
أمام هذا كله، نتوقف مرددين: مهما فعل العرب، فإنّ اليهود يتّسمون بالغدر والنفاق، «ولن ترضى عنك اليهود…. حتى تتبع مِلّتهم».