ينظر كثيرون من اللبنانيين إلى حركة حماس وذراعها العسكرية المتمثلة بكتائب عز الدين القسّام، كقوة فلسطينية مغامِرة ومتمرّدة على السلطة الفلسطينية الشرعية، سيطرت على قطاع غزة ( 360 كلم 2) الذي احتلته إسرائيل من العام 1967 حتى العام 2005 وبنت سلطة مستقلة.
هناك مشتركات أساسية بين “حماس” و”حزبُ الله” في صراعهما مع “الكيان الصهيوني” في نهج المقاومة المسلحة وقدرتهما على بث الرعب في صفوف مدنيي العدو وقوته العسكرية من خلال منظومتيهما الصاروخية.
من هنا فتضامن اللبنانيين، أخلاقياً، مع الشعب الفلسطيني ونضاله ضد المحتل وتضحياته ومآسيه، يسقط إلى حد ما الكثير من التحفظات على السلوك الفلسطيني ويطمس “الشماتة” المكبوتة والمرتبطة بتاريخ من الكراهية المتبادلة.
وينظر كثيرون من اللبنانيين، بشيء من السخرية، حيال حفنة من السياسيين، مقتنصي اللحظة التراجيدية، بإطلالات إستعراضية، كما إطلالة فيصل أفندي، ملتفاً بكوفية الثورة الفلسطينية، مستفيضاً بخطاب يمجّد ضرب المقاومين لمطارات بن غوريون وديمونا، مؤكداً إن إسرائيل أضعف وأجبن مما تتخيّلون”. كاد يقول أوهن من بيت عنكبوت لكنه سحبها. تهدأ في غزة. ينسحب فيصل أفندي من المشهد الإقليمي وينصرف إلى تدعيم حلفه مع الأمبراطورية التركية العظمى بقيادة فخر الأمة رجب طيب أردوغان.
وأبى أمير الشويفات، إلّا أن يطل على مسرح المأساة العائم على الدم، كي يشرح لمواطنيه ما استشفّه من أحداث الأيام الماضية “تبيّن أنّ العدو الإسرائيلي مصمّمٌ على عدم القبول حتى بوجود أقلّيةٍ عربية في أراضي 1948، والمؤشّرات التي بانَت في الأيّام الأخيرة تُظهر أنّ العدو كان في صددِ فتحِ معركة التطهير العُرقي الكبرى في أراضي الـ 48. إذ أنّ السّكان اليهود في هذه الأراضي يتصرّفون مع الفلسطينيين كما يتصرّف المستوطنون مع فلسطينيي الضفّة الغربية، من ناحية الإعتداءات المستمرة عليهم والعدوانية العنصرية، وهذا في حدّ ذاته يشكل “جرعةً إضافية” أي Overdose ودائماً ينقلب مفعول الـ Overdose على أصحابه، وهنا يرتكبُ العدو فعلَ الإنتحار”.
وإلى آخر “دوز” من فتى بعبدات الأغر، إميل جونيور المتحسّر على واقع الأمة العربية “لو تكاتف العرب، من المحيط الى الخليج، وخاضوا حرباً ضد إسرائيل، لكانوا حرروا فلسطين بساعات”، في العام 1973 ألم يتكاتف العرب يا فتى؟ ولماذا يمنح العرب “العدو” ساعات قبل الإجهاز عليه، والمسؤولون الإيرانيون حددوا ما بين سبع دقائق وثماني دقائق و15 ثانية لمحو الكيان الصهيوني عن الخريطة؟
أحياناً، يكون التعبير عن التضامن الإنساني مع شعب يائس، مصاب بقيادة متهوّرة، بالصمت المدوّي، لا بخوض مباراة مفتوحة في موضوع الغطرسة والتضامن واستذكار الجولان وأسديه الراحل والباقي.