IMLebanon

الدرس اللبناني من معركة فلسطين

 

لا حاجة لإنتظار مصير الحرب الدائرة في فلسطين للبدء بمعالجة اللبنانيين أزمتهم المزمنة. فالمطلوب هو العكس تماماً، فبقدر ما يكون لبنان محتفظاً بمؤسساته، بدءاً من حكومة تلتزم تنفيذ البرنامج الاصلاحي، بقدر ما يُسهم في تأمين المناعة لنفسه، ويمتِّن حالة التماسك في وجه احتمالات ما يمكن ان تقود اليه السياسة العدوانية الاسرائيلية وحروب الصواريخ والمتفجرات المتواصلة بنتائجها الكارثية خصوصاً في قطاع غزة.

 

لبنان يحتاج في هذا الوقت سلطةً تتخذ قرارات انقاذ على كل المستويات، لا سلطة أمر واقع تُمسك بالحدود وتنظم رحلات التضامن الى محاذاتها. سلطة تعالج حصار التجويع ونهب المدخرات والودائع وتحمي قدرة اللبنانيين المعيشية وتحفظ عملتهم وتعيد إنهاض الإقتصاد وتحاسب المرتكبين والسارقين والفاسدين…، وتطمئن اللبنانيين، ان لبنان المتضامن بقوة، ومنذ زمن طويل مع قضية الشعب الفلسطيني ونضاله من اجل حقوقه، لن ينجرّ الى معارك يحدد توقيتها ومكانها آخرون ممن يتقنون فنون الخطابات النارية وهم يمارسون الاعيبهم وتسوياتهم سعياً وراء مصالحهم الخاصة.

 

لقد وقفت دول إقليمية “عُظمى” موقف المتفرج وهي التي كانت ترعد وتزبد في تهديدها بإزالة الكيان الصهيوني من الوجود. ايران، مثلاً، صارت أشد اعتماداً على “الحراك الديبلوماسي”، فيما الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يستعين بالبابا فرنسيس، مستنكراً “بأشد العبارات” العدوان الاسرائيلي، وداعياً لعزل اسرائيل دولياً… لكن غاب عن باله ان اسرائيل هي الشريك السادس اقتصادياً، على مستوى العالم، لتركيا، وأن التبادل التجاري بين البلدين تفوق قيمته الستة مليارات دولار.!

 

بقدر ما يستحق صمود الفلسطينيين في ارضهم كل اعجاب وتضامن، بقدر ما يشعر اللبنانيون بقيمة حفظ وجودهم في ارضهم بسلام وطمأنينة وازدهار. وهذا شعور يشاركهم فيه كل مقيم على ارض لبنان بمن فيهم خصوصاً الفلسطينيون…

 

ولحفظ هذا الوجود، آن الأوان لقيام حكومة، وبدء المعالجات الفورية، والذهاب بكل ثقة وعزم الى تجديد المؤسسات عبر انتخابات تجري في موعدها.

 

ما يجري في فلسطين ليس درساً للفلسطينيين والاسرائيليين فقط، بل هو درس للبنانيين عن معنى التمسك بالأرض وبناء حياة مستقرة ومزدهرة.