Site icon IMLebanon

الحق سلطان حذار العبث بالحقوق المشروعة

 

يعتبر علم القانون ويُجمع عليه كل الباحثين، وهو أمر سليم قانونياً ومن العبارات المأثورة والشهيرة والمعبِّرة الصادقة المستعملة على كل الألسُن، بأنّ الحق يعلو ولا يُعلى عليه. إنّ هذا المنطق له دلالات كبيرة ومغزى دقيق وبُعد عميق وله ثبات ورسوخ متأصل في قلب كل حقوقي ومواطن ومسؤول، ينسجم مع اعتقاده ومشاعره وطلباته. صَدق من قال حين سكت أهل الحق عن الباطل توهّم أهل الباطل أنهم على حق، إنّ ما يحصل تجاه القضية الفلسطينية أمر مرفوض ومستنكر وكل هذه القرارات التي تتخذ استناداً إلى التعصُّب ستؤدي حتماً إلى السقوط بسبب اتّباع هوى التعَصّب الصهيوني في أسفل الهاوية، وهذا ما يحدث حالياً في دولة فلسطين.

 

على كل المسؤولين العرب الرفق في الأفكار والمواقف التي يتخذونها، وفي كل ما يحدث حولنا من حوادث ومُلمّات وعدم العجلة في إطلاق تصاريح متشنّجة لأنها ليست من منهج علماء السياسة وخاصة في هذا الزمن الرديء. فالرجل السياسي منهجه الحق والدبلوماسية والعمل الدؤوب لإحقاق الحق، ولا غلو في الممارسة السياسية السليمة ولا تعصُّب… من الملاحظ أنّ هناك ظاهرة تبديد الطاقات وتشتيت الأعمال في المناكفات بين معارض ومؤيّد آخذة بالانتشار، وهو ما يجعل الأمر عرضة للاستقطاب وحالة من التخبُّط واللاوعي في تأييدها ومعارضتها. واستناداً لعلم الإجتماع إنّ نمو الاتجاهات المشتّة تُفْقِد المجتمع الفلسطيني وحدته واستقراره حيث يُصبح من الطبيعي لكل اتجاه تشتُتِي ضد فئة من المجتمع الفلسطيني صدى ورد فعل عند الفئة المستهدفة يُشكل حالة مضادة للدفاع عن الذات وحماية المصالح، حيث يتحول المجتمع تلقائياً إلى ساحات صراع وميدان احتراب بين فئاته المتمايزة، وكلما اتّسعَت رقعة الاتجاهات التشتُتية خسر الشعب الفلسطيني المزيد من التأييد الدولي والعربي وعند الشعب الفلسطيني بدل أن يبني حياته ويخدم مجتمعه، وبذلك ستنهار وحدته ويتقوّض أمنه واستقراره.

 

دولياً، وعلى الصعيد الأميركي إنّ الرئيس الأميركي جو بايدن أيّد اتفاقيات التطبيع مع الدولة الإسرائلية التي رعاها سلفه. والملاحظ أنّ بايدن أعدّ العُدّة للانخراط في العملية السلمية، وذلك في إطار استراتيجية جديدة للولايات المتحدة مُستعرضة سياستها تجاه إسرائيل وفلسطين في مجلس الأمن الدولي، وقد تمّ التشديد على أهمية إصلاح العلاقات مع السلطة الفلسطينية. وتكشف مصادر دبلوماسية ما تخطط له الإدارة الأميركية الجديدة إنطلاقاً من نقاط تُعتبر في علم الإستراتيجيا مهمة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر إستئناف الأميركيين مساعداتهم للسلطة الفلسطينية ومن خلال إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن والقنصلية في القدس، والأمر الأهم الثاني هو معارضة إدارة بايدن ضَم الأراضي وبناء المستوطنات وهدم منازل الفلسطينيين من قبل إسرائيل. كل هذا يؤشِّر إلى أنّ هناك أجواء جديدة، والملفت أنّ الإدارة الأميركية عيّنت شخصية سياسية عربية مُلمّة بقدسية القضية الفلسطينية وحتى في صياغة السياسات الأميركية الجديدة تجاه الصراع العربي – الإسرائيلي.

 

علمياً ومنطقياً، إنّ قضية فلسطين تتطلب من المجتمع الدولي ومن الأميركيين تحديداً أن يُغيِّرا نهجيهما وذلك من خلال التركيز على ما يُعرف بالمبادرات الدبلوماسية التي تهدف فعلياً إلى التوصّل لاتفاق دائم ومتوازن وعادل… إذاً، المطلوب عمل دبلوماسي يتخذ خطوات ملموسة على أرض الواقع من أولى ميادينه خفض حالات التوتر بين الجانبين. كما المطلوب اليوم أولاً من السلطات الفلسطينية إعادة ترتيب وضعها، والمؤسف أنها اليوم في مرحلة التآكل والإفتقار إلى الشفافية وعدم المُساءلة ناهيك عن الانقسام بين السلطة القائمة وهذا ما يُضعفها أمام المجتمعين العربي والدولي، وبالتالي تسهل عملية تقويض القضية الفلسيطينية. وفق العلم السياسي مطلوب من الفلسطينيين عدم تجيير قضيتهم لأيّ غريب، والعمل على إعادة تكوين رأي عام منظّم غير قابل للتفتُّت عند أول تجربة كما هو حاصل اليوم. كما المطلوب على المستوى الفلسطيني رسم سياسة استراتيجية واضحة المعالم ومعالجة القضايا المُلحّة كالانقسامات الداخلية والتشتُت، والتي هي الباب الرئيسي التي تستغل إسرائيل ضعف الفلسطينيين، لأنّ الإنقسام والتشتُّت يمنعان أي تقدّم في عملية التفاوض التي من المفترض أن تُبنى على أسُس أحقية الشعب الفلسطيني في دولة سيّدة مستقلة. كما على السلطة الفلسطينية متابعة تنفيذ خطوات ملموسة لتحسين الأداء السياسي داخليا وعربيا ودوليا، بشكل يهدف إلى تعزيز الدور الريادي للسلطة الفلسطينية واتخاذ زمام المبادرة وعدم تجيير القرار لأيّ غريب مهما يكن هذا الغريب.

 

إنّ مستوى الهشاشة الفكرية للنخَب السياسية الفلسطينية لم يتجدّد ولم يخلق سوى الانتهازية والمناورات والشخصنة، وهذا ما أدى ويؤدي إلى تدخلات خارجية تؤذي القضية الفلسطينية على كافة المستويات. علمياً، هناك شروط يجب توفّرها لاستعادة هيبة القضية الفلسطينية ووقف طعنات الأغراب لها والعناوين الرئيسية للنهضة الفلسطينية تنحصر في عدة أمور تختصر علميا على الشكل التالي:

1 – الإلتزام السياسي الموحّد لأنه قاعدة في الحياة السياسية ولا يمكن لأي سلطة أن تحيا من دون المرور بالتزامات موضوعية وعلى كافة الإختصاصات.

2 – مبدئياً، الإلتزام بحل الدولتين وهو الحل المقترح للصراع العربي الإسرائيلي وهو يحظى بتأييد معظم الدول، ويقوم على أساس دولتين في فلسطين التاريخية تعيشان جنباً إلى جنب.

كفى حروباً عبثية، وكفى تعنُّتاً إسرائيلياً، وكفى قلّة إدراك فلسطينية، الكل مُطالب بإيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية لأن الحق سلطان ومن المعيب إنكار حق الشعب الفلسطيني لأنّ حق الشعوب في تقرير المصير هو أحد مبادىء القانون الدولي الأساسية، وقد ورد ذكره في المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.