شئنا أم أبينا، لا بد من التوقف عند كلمة المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة عبدالله بن يحيى المعلمي أمام اللجنة الاقتصادية والاجتماعية مفنداً أثر الاحتلال الاسرائيلي على الأحوال المعيشية للشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة، بما فيها القدس الشرقية والسكان العرب في الجولان السوري المحتل.
باختصار، ومن دون العودة الى التحليلات والأبحاث والدراسات والمجلدات، التي تناولت هذا الموضوع، فإنّ هناك خلاصة واحدة هي أنّ مفتاح الحل الحقيقي والوحيد لإحلال السلام في الشرق الأوسط هو حل القضية الفلسطينية، وإعطاء الشعب الفلسطيني دولة، مع حقه بالعيش الكريم… كما هي حال كل الشعوب في كل العالم..
ومن دون الدخول الى عمليات القهر والتعذيب والإساءة للشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال الاسرائيلي، ومن دون شهادات العالم كله، الذي شهد ويشهد يومياً ما يفعله العدو الاسرائيلي بالشعب الفلسطيني، نعود ونكرر أنّ مفتاح الحل في منطقة الشرق الأوسط هو حل القضية الفلسطينية.
بصراحة وببساطة هناك سؤال الى كل دول العالم، وبالأخص الى الدول العظمى: هل تريد تلك الدول، أن يكون هناك حل لقضية الفلسطينيين، والاعتراف بحقهم بإقامة دولتهم؟
الجواب بكل صراحة: ظاهرياً نعم.. ولكن الحقيقة كلا.. فلماذا؟
بكل بساطة، الدول الكبرى أو العظمى هي في الحقيقة تمارس تجارة الاسلحة، وفي عملية حسابية بسيطة فإنّ سعر طائرة حربية عسكرية لا يقلّ عن 25 مليون دولار، حتى أنه قد يصل الى 40 مليون دولار، إذ ليس لي علم دقيق بهذا الموضوع.
ولكن من حيث المبدأ فإننا نقف هنا أمام حقيقة، هي أنّ مصلحة الدول الكبرى أن تكون هناك حروب دائمة، كي تشغّل معامل الاسلحة في دولها، والأهم هنا انّ مصلحة الدول الكبرى أن تبيع اسلحة بدل أن تبيع سيارات وبرادات وأدوات منزلية لأنّ سعر طائرة واحدة يوازي ما تنتجه مصانع البرادات والغسالات والتلفزيونات والكثير من تلك المواد، لذلك فإنّ المصلحة هي في مصانع السلاح، وهذا ظاهر في عملية حسابية بسيطة.
من ناحية ثانية، فإنّ الذي «أوجد» إسرائيل منذ أوائل عام 1900 والذي خطط لقيام دولة إسرائيل… لم يكن مخططه موضوعاً عشوائياً ومن فراغ، بل كان يحتاج الى دولة مثل إسرائيل، تقع في قلب العالم العربي لتُقسّم العالم العربي الى قسمين… وهنا بدأت المشاكل، حيث أنه لو احتسبنا الأموال التي صرفت من أجل الدفاع، أو تحرير فلسطين، لوجدنا ان المليارات من الدولارات قد أنفقت على شراء أسلحة من أميركا وروسيا وفرنسا وبريطانيا، فلو صرفت تلك الأموال على التطوير وإقامة المصانع وفي الزراعة، لكانت الدول العربية اليوم من أغنى دول العالم، بل نقول أكثر لكانت الدول العربية أغنى من كل دول العالم خاصة مع اكتشاف البترول.. فقد تبيّـن أنّ المملكة العربية السعودية ودول الخليج والعراق وليبيا والجزائر هي من أهم الدول في تصدير النفط الى العالم، وأصبح العالم بحاجة الى هذه المادة، ولكن يبدو أنّ طمع الدول العظمى، لم يكتفِ بذلك، فإسرائيل وحدها غير كافية، لذلك يجب استحداث حروب جديدة.. ومن أجل ذلك لا بد من «خلق» فتنة سنّية – شيعية بين الدول العربية وبين إيران.. فكان التخطيط باستحضار آية الله الخميني، الذي كان هارباً من شاه إيران، مختبئاً في العراق فأُخذ الى فرنسا وهناك حيكت المؤامرة لخلع الشاه والاتيان بآية الله الخميني لتبدأ المؤامرة تحت شعار تحرير القدس، يعني فلسطين.
والأهم بالنسبة لمشروع الخميني هو التشييع كي يصبح العالم الاسلامي، وطبعاً هنا يقصد «العالم العربي» الذي تقطنه أغلبية من أهل السنّة شيعياً. بدأ آية الله الخميني بحرب مع العراق وبقيت تلك الحرب 8 سنوات منذ عام 1980 ولغاية 1988 وقد تم صرف 4 آلاف مليار دولار في تلك الحرب دفعتها الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية.
والأهم أنّ العراق الذي كان أغنى بلد في العالم العربي، إذ كان رصيده في البنك المركزي العراقي 180 مليار دولار، لا يعرف العراقيون ما يفعلونه بهذا المبلغ، صار بعد الحرب مديناً بـ1000 مليار دولار إضافة الى كلفة إعادة بناء ما تهدّم…
هذا في العراق ومثله في إيران.. والعجيب الغريب أنّ 8 سنوات حرب لم ينتصر فيها فريق على آخر، وعندما انتصر العراق في بداية الحرب قامت إسرائيل بتزويد إيران بالاسلحة كي تتعادل بالقوة مع العراق.
السيناريو الذي نعيشه منذ المجيء بآية الله الخميني، هو فيلم أهدر جميع الأموال في سبيل حروب عبثية، لا انتصار فيها لأحد، بل أحدثت تدميراً وتخريباً وصرف كل ما توفر من مال من النفط الذي أعطاه لها رب العالمين…
وللعلم فإنّ عدد السنّة في العالم هو مليار و580 مليوناً، في حين عدد الشيعة لا يتعدّى الـ150 مليوناً… لذا كان مشروع آية الله الخميني واضحاً… لكنه لم يصل إلاّ الى نتيجة واحدة هي تدمير العالم العربي ومعه إيران.
وللمناسبة، فإنّ إيران، وكي تتحضّر لمشروعها «التشيعي» كان لا بد لها من إنشاء تنظيم ديني مسلّح سمّي بـ»فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الايراني، مهمته تدمير الدول العربية بدءاً بلبنان الى سوريا الى العراق ومؤخراً اليمن.
كما إنّ هناك أموالاً كانت المملكة تختزنها تحت شعار الاحتياط، فكان لا بد من استنزاف ذلك الاحتياطي، «فخلقوا» لها حرب اليمن… في النهاية لن يتركونا إلاّ عندما نصبح فقراء ليس معنا أي دولار.
إنّها المؤامرة التي حيكت خيوطها بإتقان.. لكنها لن تمرّ… فاللعبة باتت مكشوفة، لا يستطيع أحدٌ إخفاءها.