إنّ مَن لا يقدّر ما فعلته عملية «طوفان الأقصى» لا يعلم شيئاً… فلماذا؟
أولاً: أوّل عملية يتعرّض لها الجيش الذي لا يُقهر، لكنه قهر حيث دفع 1200 قتيل وأسر له 250 عسكرياً ومدنياً إسرائيلياً ومعهم 17 جنسية مختلفة.
ثانياً: 40 مستوطنة استغرق بناؤها أكثر من 50 سنة، استطاع أبطال المقاومة الفلسطينية أن يحتلوها وهو ما يسمّى بـ»غلاف غزة»، أي المستعمرات والمستوطنات، احتلت خلال ساعتين… وهذا وحده تسبب في أن يصاب الجيش الاسرائيلي بصدمة لم يعتد على مثيل لها من قبل. والأهم ان عقدة الخوف التي هي في الحقيقة من طبيعة اليهود أصبحت الآن مزدوجة.
ثالثاً: أن يأسر المقاومون الذين يقودهم البطل محمد الضيف عدداً كبيراً من الاسرائيليين، وأن تتم العملية من الجوّ والبحر حتى التلاحم فهذا الأمر لم يحصل مثيل له في التاريخ.
رابعاً: أن تستطيع حركة «حماس» التي تعيش تحت الحصار منذ أكثر من 50 سنة، ويمنع عن أهلها كل أنواع المأكولات الغذائية حتى اضطر الأهالي الى استعمال الأنفاق من أجل استيراد المواد التي يحتاجون إليها، فهذا أمر عظيم.
خامساً: أهم نقطة وهي عندما تنتهي الحرب ويأتي السلم الذي لا يستطيع أحد أن يتكهن بموعد حصوله فإنّ ذلك سيثير عند الاسرائيليين تساؤلات مشروعة عما حدث… في الحقيقة ان المجتمع الاسرائيلي يتألف من مجتمعين: مجتمع غني ومجتمع فقير.
المجتمع الغني يشكّل النصف أو أكثر قليلاً، وهو يقول: لماذا عدنا الى أرض الميعاد، وحياتنا كل لحظة مهدّدة، نحن نريد أن نعيش بسلام، وهذا من المستحيلات في هذه الدولة… ما دام هناك سلطة إسرائيلية لا تريد السلام، وأصحاب الأرض من الفلسطينيين قبلوا بإقامة دولة لهم. لكنّ الاسرائيليين يريدون كل فلسطين ولا يريدون أن يتركوا أي شيء ولو الحد الأدنى للعيش.
وقد يقول البعض: إنّ إسرائيل سوف تصبح من دون يهود، بسبب ما حصل في 7 أكتوبر، أي بسبب عملية «طوفان الأقصى». وردود الفعل بعد انتهاء الحروب ستكون مُدينة لإسرائيل، وهذه الإدانة والمحاسبة هي من طبيعة الخوف عند اليهود.
قد يكون هناك بعض التساؤلات عند بعض المواطنين الفلسطينيين وبعض العرب مفادها: إنّ هذه العملية سوف تؤدي الى الآلاف من الشهداء، بالأخص من الأطفال وكبار السن والشباب طبعاً، نقول لهؤلاء: هل تركت إسرائيل لأهلنا في الضفة أو في غزّة أي سبل للحياة؟ قال لي صديق فلسطيني: يا رجل الذي يعيش في غزّة كأنه لا يعيش أبداً. لا يوجد الحد الأدنى من سبل الحياة، أضف الى ذلك ما يفعله الجنود الصهاينة من قتل وسجن شيوخ وأطفال في سجون إسرائيل. تستطيع أن تقول إنّ الذي أدّى الى القيام بمثل هذه العملية البطولية التي دخلت التاريخ هو الظلم والقهر الاسرائيلي.
اليوم، وبعد 75 سنة، وُلدت فلسطين من جديد… فتحيّة لأبطال غزّة المجاهدين.