ما هي علاقة الفرس باليهود:.. هذا سؤال مهم جداً، إذ ان العلاقات بين اليهود والفرس قديمة تعود الى كورش الكبير. فمن هو كورش الكبير؟
كورش الكبير هو مؤسس الامبراطورية الفارسية وهو الذي لعب دوراً مميزاً في دعم اليهود بعد أن صكوا عملتهم ووضعوا صورته على وجهي هذه العملة.
فأمر كورش الكبير قادته بعدم التدخل في شؤون اليهود وكأنه أعطاهم حكماً ذاتياً لإدارة شؤونهم… لذلك كانت العلاقة أكثر من مميزة.
الحقيقة ان أوّل من وعد اليهود بإقامة دولة هم الفرس لأن مصالح مشتركة كانت تربط بينهم.
بعد هذا الوعد القديم جاء “وعد بلفور” عام 1917 حين عمد وزير خارجية بريطانيا في ذلك الوقت آرثر بلفور الى إصدار تعهّد لليهود عِبْر اللورد دي روتشيلد اليهودي الذي كان من أكبر أغنياء العالم، وكان يسيطر على العملة والذهب في العالم. وكان مضمون “وعد بلفور” بأن يهب فلسطين لليهود كوطن قومي لهم.
بداية التحيّز لليهود كانت من بلاد فارس بالتحديد بعد حادثة السبي البابلي لليهود التي قام بها الملك نبوخذ نصر، والذي أسر على أثرها عدد كبير من اليهود وأخذهم الى بابل.
ولكن بعد ضعف الدولة البابلية، شنّ الفرس حملة على بابل وسيطروا عليها، وبالتالي وقعت كل الأراضي التابعة للدولة البابلية تحت نفوذ الفرس في عام 539 ق.م.
وبالفعل وافق كورش على طبع نسخة بابلية للتوراة وتوزيعها. وها هم اليهود الى الآن يحتفلون بكورش الفارسي ويعتبرونه مخلّصاً لهم.
قد يقول قائل: إنّ اليهود موجودون في أرض فلسطين من قبل الميلاد. الحقيقة ان اليهود دخلوا أرض الكنعانيين كلاجئين مع يوشع بن نون هاربين من طغيان فرعون. ودارت بينهم وبين أهل الأرض معارك، وقد ارتد كثير منهم عن ديانة موسى وتأثروا بمعتقدات الكنعانيين وطقوسهم الوثنية.
مما سبق، يتبيّـن لنا مكر اليهود القديم في تزوير الحقائق ونصب المكائد واستجداء الملوك والدول من الشرق الى الغرب من أجل تحويل الدين الى قومية، وإنشاء وطن يضمهم، الى أن تمكنوا في العصر الحديث من الحصول على التصريح الشهير لـ”بلفور” الذي منحهم الحق بإقامة وطن مزعوم فوق أرض فلسطين.
فمن كورش الى بلفور الى يومنا هذا، لا تزال فلسطين تحمل هويتها الكنعانية في القدس وغزّة وربوع الضفة الغربية وفي المناطق المحتلة منذ 1948… ولا تزال فلسطين بمدنها وقراها وترابها تحفز أصالة احلق وجذور الانتماء، ولا يزال أطفالها بعد هذه المدّة على “وعد بلفور المشؤوم” ينشدون العودة والتحرير.
أما القول: إنّ إسرائيل هي صاحبة الحق، لأنّ فلسطين باتت ملكها بعد عملية شراء واسعة أقدمت عليها. فقد دلّت الوقائع التاريخية مؤيّدة بما قاله المؤرخ الأميركي إيلاف باني، وهو في الوقت نفسه استاذ الدراسات الدولية في جامعة واشنطن.
لقد أشار المؤرخ الشهير باني الى انه في قانون الأراضي العثماني كان يمكن أن تملك قطعة كبيرة من الأرض في فلسطين، ومهما بلغت مساحتها، كما فعلت عائلتا سرسق وخوري من بيروت. إذ كانتا تملكان “مرج ابن عامر” كله وهو واد يضم 15 قرية. كان يمكن لأي مالك أن يبيع الأرض الى غيره. ووفقاً للعرف العثماني، لا يؤثر ذلك على سكان القرى الذين يستمرون في السكن مع دفع الايجارات للمالك الجديد التي عاشوا فيها على مدى ألف سنة.
ثم جاء البريطانيون فتغيّر القانون بناء لطلب الصهاينة… فإذا أقنعوا السيّد سرسق أو غيره ببيع أرضه في “مرج ابن عامر”، فإنّ المالك الجديد يستطيع طرد السكان المقيمين فيه.
الذين باعوا الارض من عائلة سرسق وخوري وغيرهما لم يكونوا يعلمون بسلبيات القانون الجديد. لذا فإنّ الصهاينة الذين اشتروا الارض طالبوا بريطانيا بمساعدتهم في طرد السكان من أراضيهم… لم يكن يتخيّل أحد أنّ الصهاينة يريدون بناء دولة على الأراضي التي اشتروها.
في أوائل الثلاثينات، لم يعد أحد يريد بيع أرضه بعدما انكشفت القضية. وبحلول 1948 كانت مساحة الأراضي التي اشتراها الصهاينة 5.9% فقط من أرض فلسطين، وهذا ما لا يساعد على إنشاء دولة. هنا بدأت مسألة التطهير العرقي. إذ بدأ بن غوريون بمهاجمة المدن الكبرى التي تجمع أكبر عدد من الفلسطينيين العرب مثل حيفا، يافا، عكا، بيسان وطبريا. وبدأت المؤامرة الكبرى.