تبقى الأوضاع الإقليمية المحيطة بلبنان عاملاً مقلقاً على صعيد الملف اللبناني، ما يتناغم مع أزماته الداخلية والحروب المحيطة به في المنطقة، وفي المقابل، ثمة معلومات عن مخاوف وقلق أبداه أكثر من مسؤول فرنسي وأميركي، حول إمكانية زعزعة الإستقرار الداخلي في لبنان من قبل أطراف إقليمية، وخصوصاً من قبل بعض المجموعات الفلسطينية التي تتبع لهذه الأطراف، والتي تحركها وفق مقتضيات مصالحها والظروف والمرحلة، مستندين الى هشاشة الأوضاع الإقتصادية والمعيشية وتقليص خدمات (الأونروا) مما يدفع هؤلاء الى توتير الوضع في المخيمات، أو الإنتقال إلى مناطق أخرى، على خلفية عدم اهتمام السلطات اللبنانية والمعنيين بحقوق الفلسطينيين.
وأضافت المعلومات، في هذا الإطار، أنه، وخلال الأيام الماضية قام السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور بسلسلة لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين،وركّز التداول خلالها على الشأن العام في لبنان، إلا أن الموضوع الأساس في البحث كان محصوراً بالحقوق المدنية للفلسطينيين، ولا سيما أن الأزمة الإقتصادية والمالية التي عصفت بالبلد وأدّت إلى تدني مستوى المعيشة وتكاثر حالات الفقر، فإن ذلك قد زاد من حجم ومأساة القاطنين في المخيمات حيث ما زال قانون منع العمل سارياً عليهم، إضافة إلى المعاناة الحاصلة جراء جائحة كورونا وانهيار الإقتصاد العالمي، فذلك أيضاً ترك تداعياته السلبية على أوضاعهم وظروفهم المعيشية، خصوصاً في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، ولا سيما في مناطق وجودها في الضفة ورام الله، حيث هناك تأخير في دفع رواتب الأمنيين والموظفين في القطاع العام، تزامناً مع تقليص المساعدات التي تلتزم بها الجامعة العربية من خلال الدول المشاركة فيها ولا سيما الخليجية منها.
وبناء عليه، تفيد المعلومات نفسها، بأنه، وفي ضوء الإتصالات التي جرت على أعلى المستويات الدولية، ولا سيما الدول المانحة ومفوضية اللاجئين (الأونروا)، تم تقديم مساعدة عبارة عن سلفة مالية، لكنها لا تفي بالغرض المطلوب في ظل هذه الضائقة التي تعانيها المخيمات الفلسطينية في لبنان.
وفي السياق، تؤكد المعلومات ذاتها، أن هناك امتعاضاً في صفوف هذه المخيمات لعدم الإهتمام بها، وهذا ما يعزّز المخاوف من استغلال البعض لهذه الأزمات للقيام بأعمال خارجة عن القانون، وتصبّ في خانة هز الإستقرار الأمني في المخيمات وخارجها، وربما تعدى ذلك إلى مناطق بعيدة عنها، وعندئذٍ قد تحدث بلبلة يمكن أن تتوسّع لاحقاً، كما حصل في مرات كثيرة، أي في حروب المخيمات على اختلافها من قبل فصائل فلسطينية على صلة وارتباط، ببعض المحاور الإقليمية التي تدعمها.
إنما، وفي ضوء التنسيق الحاصل بين مخابرات الجيش اللبناني والسلطة الفلسطينية المتمثّلة بحركة «فتح» وبالإضافة إلى التواصل المباشر من قبل السفير الفلسطيني في بيروت، وكذلك من داخل السلطة الفلسطينية، برزت توجّهات تقضي بضرورة تحصين وضع المخيمات والإبقاء على أفضل العلاقات مع الدولة اللبنانية والجيش اللبناني وسائر الأجهزة الأمنية، والدلالة أنه، ومنذ ثورة 17 تشرين إلى محطات كثيرة حصلت في لبنان بعد حقبة العام 2005، لوحظ أن هذا التعاون بين الحكومة اللبنانية والسلطات الفلسطينية، كان له التأثير الواضح في الحفاظ على أمن هذه المخيمات.