Site icon IMLebanon

فلسطين هي البداية والنهاية..

 

«الانتفاضة الثالثة» في الضفة الغربية، ممكنة، لكنها صعبة جداً. كلفتها الفلسطينية عالية جداً، واحتمالات نجاحها منخفضة جداً. عائداتها لا توازي تكاليفها البشرية والمادية. رغم ذلك، فلسطين والفلسطينيون بحاجة ولو لنصف انتفاضة. مستوى التطرف الإسرائيلي، لم يعد يمكن تحمله. يتبارى الإسرائيليون في يمينيّتهم وتطرّفهم. اليسار الذي جاء مع اليهود الى فلسطين، أصبح في خبر كان. مجرد صورة لماضٍ مضى.

بنيامين نتنياهو ومعه كل قادة التطرّف اليميني والعنصري، «يضربون» الفلسطينيين يومياً، ويسبقون العالم بالبكاء. منذ أكثر من عشر سنوات، والحكومات الإسرائيلية المتوالية تعمل كل ما يلزم لدفع الفلسطينيين الى اليأس، والغرق في إحباط العيش اليومي بعدم إمكانية بناء أي شيء، ثم يدينون أي حركة فلسطينية غير عادية ويضعونها في خانة «البربرية».

استغل الاسرائيليون حالة الحصار الكاملة التي تعيشها القضية الفلسطينية. منذ استشهاد ياسر عرفات، لم يعد يحصل فلسطينياً أي شيء جديد سوى المزيد من التعري السياسي. في الضفة الغربية، السلطة الوطنية الفلسطينية اسم كبير لجسم على «قياس» الرئيس عباس. في غزة، اسم كبير هو «حماس» على «قياس» غزة المحاصرة برًّا وجوًّا وبحراً. ما فعلته «حماس» في غزة جريمة تدفع ثمنها اليوم. حققت «حماس» لإسرائيل ما كانت تحلم به وهو فصل غزة عن الضفة الغربية، واعتقدت ومعها حركة «الجهاد» أن الدعم الإيراني يكفيهما فاستقوتا به حتى إذا جاءت حرب «الجرف الصامد» اكتشفتا أن المصالح القومية الإيرانية أكبر بكثير من كل الخطابات الأيديولوجية. الأسوأ أن «حماس» وهي تقترب من إيران فعلت ما فعلَه بشار الأسد أي التخلي عن «المظلة» العربية. ثم عندما أخذ الإخوان السلطة في مصر اعتقدت أنها ملكت السلطة وأصبحت على حافة تسلّم رام الله ونابلس والخليل، فكان أن سقطت «حماس» في فخ الصراع الإخواني – الشعبي العسكري المصري ودفع الشعب الفلسطيني الثمن غالياً.

السؤال الكبير الذي يسأله الغزاويون أين إيران؟ بالأمس أكد الجنرال نقدي قائد «الباسيج»: «أن لديه 22 مليوناً من الباسيج ينتظرون الإشارة للتوجه الى سوريا وغزة». على الأقل إذا كانت الإشارة متأخرة فلتكن المساعدات المالية سريعة!

عملية القدس، هي من نوع «نصف انتفاضة». وهي مهمة جداً، خصوصاً وأنه سبقها عمليات فردية عديدة من دهس سائقين لجنود ومدنيين إسرائيليين. أهمية وخطورة هذه العملية انها غير منظمة وإن كانت جيدة التحضير. الشهيدان اللذان قاما بالعملية تسلّحا بالبلطات والخناجر بعدما درسا الموقع من جميع جوانبه. أيضاً أنه في زمن «داعش» من جهة واليمين الإسرائيلي المتطرّف من جهة أخرى، فإن الشهيدين غير المتديّنين هما عاشقان للقدس التي تحتفي ببناء المستوطنات، والتي يتم قضم المسجد الأقصى فيها يومياً من دون توقف.

عملية القدس قاسية، خصوصاً وأنها استهدفت كنيساً. لكن هل ترك الإسرائيليون للفلسطينيين خصوصاً أبناء القدس منفذاً آخر غير العنف؟ لقد نجح الشهيدان في إيصال «رسالة» مستقبلية التقطها الإسرائيليون بسرعة مضمونها دفع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني نحو الصراع الديني الإسلامي اليهودي. ما دعم هذا الخوف ظهور مواقع اجتماعية بعناوين من نتاج المرحلة مثل: «داعس» بدلاً من «داعش»، و»إطعن» مع صور الطعن بالسكاكين والسواطير. ما يخيف إسرائيل وحتى الفلسطينيين أن «القاعدة» و»داعش» لهما وجوداً في أوساط الفلسطينيين سواء في الضفة أو غزة.

«عملية القدس» مهمة. الأهم أن تقع عمليات يشكل مجموعها نصف انتفاضة، تعيد الجميع الى المربع الأول وهو أن الصراع العربي الإسرائيلي هو مركز كل الصراعات في منطقة الشرق الأوسط. لذا العمل وكأن قضية فلسطين لم تعد موجودة، هو مجرد رمي الرماد على النار الكامنة.

فلسطين هي البداية والنهاية. كل القضايا الأخرى «روافد» تصب نتائجها في مسارات القضية الفلسطينية وتحريرها. ليس صحيحاً أن «الربيع العربي« وما جرى ويجري من حروب أهلية ومذابح ألغت فلسطين، بالعكس كلما اقترب حصول العربي على الحرية والكرامة، كلما اقترب تحرير فلسطين خطوة الى الأمام.