عادت المخاوف لتنتاب وتقلق اللبنانيين والفلسطينيين على حدٍ سواء، حيال ما يجري داخل فلسطين المحتلة في ضوء “الانتفاضة” على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والتي عززت الهواجس من أن يلجأ نتنياهو وكعادته، إلى توتير الأجواء على الحدود اللبنانية أو القيام بعدوان، لحجب الأنظار عمّا يجري في الداخل “الإسرائيلي”. فيما وعلى خطٍ آخر، فإن الأوضاع داخل المخيمات الفلسطينية ، لا سيّما مخيم عين الحلوة، تبقى موضع متابعة من المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين، في ظلّ التنسيق المشترك بين مسؤولي أمن المخيم والجيش اللبناني وتحديداً مخابراته، بعد الأحداث الأخيرة، درءًا لأي توتير أو أعمال مخلّة بالأمن، قد تلجأ إليها بعض القوى المتضررة من التطورات الإقليمية في الوقت الضائع في المنطقة وعلى الساحة الفلسطينية.
ولهذه الغاية تشير المعلومات إلى أن تسليم قاتل أحد عناصر “فتح” منذ أسبوعين، ساهم في تنقية الأجواء وإزالة التوتر، خصوصاً بعدما وصلت الأمور الاقتصادية والاجتماعية في المخيم إلى حد التهديد بتظاهرات وعصيانٍ ورفع الصوت عالياً.
وبناءً عليه، فإن هناك أجواء تشير إلى رفع منسوب التعزيزات الأمنية والمراقبة داخل المخيمات، منعاً لأي اختراقات قد تحصل ، لا سيّما بعد شبه توقف مساعدات “الأونروا” المالية والعينية والصحية والتربوية، الأمر الذي قد يؤدي إلى كارثة اجتماعية، بدأ يطرحها أكثر من مسؤول فلسطيني مع بعض القيادات اللبنانية، وفق أجواء موثوق بها من السفارة الفلسطينية ووزراء ومسؤولين لبنانيين، ولكن الجواب كان واضحاً أن لبنان يعاني أزمة إقتصادية ومالية ولا يمكنه حلّ معضلات اللبنانيين. وعلى هذه الخلفية، عُلم أن الاتصالات التي جرت أدت إلى وصول مساعدات للمخيمات من خلال السلطة الفلسطينية في رام الله، التي بدورها تمرّ بضائقة اقتصادية صعبة.
من هذا المنطلق، فإن الوضع في المنطقة يبقى عاملاً رئيسياً لكيفية معالجة وضع المخيمات بين تهدئة وترسيخ الاستقرار، أو حصول اضطرابات أو تصفية حسابات سياسية وإقليمية، بينما المعطى الأبرز الذي يحذر منه أحد المسؤولين اللبنانيين، يرتبط بالتقارب العربي- العربي، لا سيّما عودة الانفتاح على سوريا، إضافةً إلى عودة العلاقات الديبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، بمعنى أنه قد يعمد بعض المتضررين من هذا التقارب، وترتيب الأوضاع الجديدة عربياً وإقليمياً، الى اللجوء إلى إحداث خروقات عسكرية أو اغتيالات داخل المخيمات، باعتبار ثمة فصائل أصولية خارجة عن سلطة المعنيين في المخيمات، وهي لا تحبّذ عملية التقارب الذي لا يصبّ في مصلحة اهدافها وايديولوجيتها، وهذا ما سبق وحصل في محطات سابقة، ما يعني أن المرحلة الراهنة مقلقة على الساحتين اللبنانية والفلسطينية، من خلال دخول بعض الموتورين على خطّ الإيجابيات، التي لن تأتي في مصلحة بعض القوى والتنظيمات.
وعليه، وتجنباً لأي أحداث أو اضطرابات في مخيمات لبنان، لا سيما عين الحلوة، فإن المواكبة والمتابعة من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية والفلسطينية مستمرة، عبر تكثيف الحضور المخابراتي والأمني، ومراقبة البؤر الإرهابية أو ما يُسمّى بالتنظيمات الخارجة عن القانون وغير المنضبطة، والتي تعمل على تأجيج الصراعات ، خصوصاً أن المرحلة الراهنة هي في غاية الدقة والحساسية. مع العلم أن المعلومات، تؤكد أن الأمور ممسوكة سياسياً وعسكرياً، بفعل التواصل والتنسيق بين المعنيين، اضافة إلى توجهات السلطة الفلسطينية من خلال الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقمع أي تجاوزات قد يسبّبها أي تنظيم، حفاظاً على أمن واستقرار لبنان والمخيمات.