IMLebanon

إطمئنان أمنيّ حذِر لوضع المخيّمات: الأمور تحت السيطرة

 

 

سمحت هدنة غزة بالتقاط الأنفاس في القطاع ولبنان. وتوحي المؤشرات بانطلاق مسار سياسي بالتوازي مع العسكري، ويبقى الوضع في لبنان معلّقاً في انتظار جلاء الصورة الإقليمية الكبرى. ولا يستطيع أحد الجزم بعدم تمدّد نيران الحرب إلى لبنان أو إلى المنطقة، لأنّ الوضع الأمني على فوّهة بركان.

 

يقاتل «حزب الله» على جبهة الجنوب وفق أجندته الخاصة وأجندة إيران ومحور «الممانعة»، والدولة اللبنانية «لا حول لها ولا قوّة». ويكتفي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب بتلقّي التحذيرات التي تنقلها الدول الكبرى إلى لبنان لكي لا يدفع فاتورة باهظة ثمن انجراره إلى الحرب.

 

وإذا كانت وضعية «حزب الله» معروفة، فإنّ الدولة اللبنانية تحاول تحصين الساحة بعدم انفلات الأوضاع داخل المخيمات وتكرار سيناريو 1969 وما بعده. وفي هذا الإطار، تتمّ المعالجة عبر مسار سياسي وآخر أمني. فسياسياً، ومنذ اليوم الأول لاندلاع عملية «طوفان الأقصى» جرى التواصل بين السلطات اللبنانية والسلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي أكد احترام سيادة لبنان وعدم رغبته في تمدّد الحرب واستعمال الأراضي اللبنانية التي تحتضن عشرات الآلاف من الفلسطينيين كساحة صراع، فالنضال من الخارج انتهى.

 

ويجري تنسيق أمني بين السلطة الفلسطينية والقوى العسكرية المنتشرة داخل المخيّمات التابعة لها وقيادة الجيش اللبناني وبقية الأجهزة. وما يؤكّد عدم استعمال المخيّمات منصّةً لانطلاق العمليات نحو الجنوب هو عدم المشاركة الشاملة لحركة «فتح» في المعركة داخل غزة، بعدما قضت «حماس» على «فتح» في القطاع وأنشأت حكمها الذاتي المستقلّ عن السلطة الفلسطينية.

 

ويُضاف إلى هذا العامل، الوجود المحدود لحركة «حماس» في المخيّمات، فالقوة الكبرى والشاملة هي في يد حركة «فتح»، وبالتالي يجعل هذا العامل التعاون بين الجيش والسلطة الفلسطينية أسهل بكثير.

 

وإذا كان التعامل السياسي مهمّاً، فلا تغفل الدولة اللبنانية عن التعامل الأمني مع أي حدث، وتؤكّد مصادر أمنية قيادية لـ»نداء الوطن»، أنّ الوضع في كل المخيّمات، ومن ضمنها مخيّم عين الحلوة، هو تحت السيطرة، فلو كانت هناك نية للتحرّك لحصل هذا الأمر منذ اليوم الأول، لكن الأمور لا تزال مضبوطة.

 

ورغم الإطمئنان، تُبقي المصادر احتمال انفلات الوضع قائماً، لأنّ أحداً لا يعرف كيف ستتطوّر الأحداث، لذلك يلجأ الجيش وبقية الأجهزة إلى تكثيف العمل الإستخباراتي داخل المخيّمات، وتشديد الإجراءات على المداخل لعدم السماح بانفلات الأوضاع أو تشكيل كل فرقة مجموعات تدّعي أنها تريد مقاتلة إسرائيل ونعود إلى سيناريو 1975.

 

لا يمكن التقليل من الخطر الأمني جنوباً، حتى لو كان هناك قرار فلسطيني كبير بعدم استعمال الساحة اللبنانية، إلا أنّ حالة الفلتان داخل المخيّمات قد تدفع بعض الشباب المتحمّس إلى تشكيل مجموعات تحت عنوان الدفاع عن الأقصى وغزة وفلسطين، وهذه المجموعات قد تُربك الساحة الجنوبية واللبنانية وتعطي نتائج سلبية، لذلك يتمّ التعامل مع هذه المجموعات بالطريقة المناسبة ووفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا.

 

سقط القرار 1701 بعد فتح «حزب الله» جبهة الجنوب، ولا أحد من المسؤولين السياسيين والأمنيين يُنكر هذا الأمر، لكن سقوط هذا القرار لا يعني السماح بتمدّد الفوضى إلى الداخل وكل مناطق الجنوب، لذلك تبقى الأجهزة في حالة جهوزية قصوى، خصوصاً أنّ وضعية المخيّمات الفلسطينية ليست ثابتة، كذلك فالاستقرار الداخلي هشّ وأي خضّة أو خروج عن قواعد اللعبة قد تكون له انعكاسات كبيرة على الداخل، فتجربة 1969 بدأت بتعاطف قسم لبناني مع الفلسطينيين بحجّة تحرير القدس، وانتهت بتسبّب هذا الأمر في فتح حرب أهلية واندلاع أحداث 1975 بعدما أضاعوا طريق فلسطين حيث باتت «طريق القدس تمرّ في جونية».