Site icon IMLebanon

المخيمات الفلسطينية… تُعزل لتُحمى؟

 

بعد النتائج التي يُسجلها عدّاد “كورونا” في لبنان والتي لا تبشّر بالخير، لا تزال الأنظار إلى المخيمات الفلسطينية التي تُعتبر قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، لكنها بقيت حتى اليوم مضبوطـة.

 

لم يصل القيمون على الصحة في لبنان إلى رأي نهائي ما إذا كان هذا العدد المرتفع من الإصابات والذي أتى بعد انخفاض كبير في الأسابيع الأخيرة، هو من استكمال للمرحلة الأولى لانتشار الوباء، أو إنه بداية الموجة الثانية التي يتحدّث عنها الجميع، في حين أن الرأي يميل إلى اعتبار أن الموجة الأولى لم تنته بعد، والسبب في ارتفاع الإصابات وجود حالات غير مصرّح عنها نقلت العدوى إلى الأقارب والمحيط، تُضاف إليها عودة المغتربين وعدم التزامهم بالحجر المنزلي الإلزامي، وظهور نتائج إيجابية على بعضهم بعدما أتت النتائج الأولية سلبية.

 

وفي السياق، تُطرح مسألة المخيمات الفلسطينية على بساط البحث لأن التداخل كبير بين تلك المخيمات والمحيط اللبناني، وهنا لا تكمن المشكلة في نقل العدوى من المقيمين في المخيمات إلى اللبنانيين فقط، بل إن المخاوف قد تكون معكوسة، لأن إصابة أي فلسطيني قد تسبب كارثة داخل المخيم بسبب الظروف الإجتماعية التي تعيشها المخيمات وطبيعة السكن المتلاصق.

 

ولم تضع الدولة اللبنانية حتى الساعة خطة طوارئ للتعامل مع أي كارثة من هذا النوع من الممكن أن تضرب المخيمات، بل إنها تتعامل معها من ضمن سياق الخطة التي تضعها للبلاد عموماً والتي تشمل كل المقيمين على أراضيها.

 

وتتابع لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني ما يجري عن كثب، وتبدي مخاوفها من الحديث عن إصابات في بعض المخيمات وخصوصاً في الجليل في البقاع، والبداوي في الشمال، وحتى لو لم يتأكّد بعد وقوع إصابات غير المعلن عنها، إلا أن الحذر يبقى واجباً لأنه قد يكون هناك مصابون لم تظهر عليهم العوارض وينقلونها إلى أهلهم والمحيط وعندها تقع الكارثة الحقيقية.

 

ويكشف رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني الدكتور حسن منيمنة لـ”نداء الوطن” أن “وضع المخيمات ليس على ما يرام، والتخوف جدّي من موجة جديدة قد تصل إلى الفلسطينين، حيث لا قدرة للبنان على مواجهتها”.

 

ويتحدّث منيمنة عن ضعف في تمويل خطة طوارئ لمواجهة أي أزمة من هذا النوع من قبل “الأونروا”، خصوصاً ان موازنتها قد انخفضت بعد انسحاب الولايات المتحدة الاميركية من تمويلها.

 

وكانت الاصوات اللبنانية والفلسطينية قد ارتفعت مطالبةً “الأونروا” بوضع خطة طوارئ سريعة للإستجابة لتفشي “الكورونا” إن حصل، لكن هذه الإستجابة أتت ضعيفة جداً ولم تُجهز إلا مركزين لمعالجة المصابين هما في مدرسة سبلين وفي البداوي وليسا على القدر الكافي من التجهيز.

 

وفي حين سيرفع منيمنة مذكرة إلى الحكومة اللبنانية لشرح خطورة ما قد يحصل، يُكثف اتصالاته مع الجهات الفلسطينية من أجل تدارك الإحتمالات السيئة، وبدورها تقوم الفصائل الفلسطينية بالتنسيق مع السفارة الفلسطينية في بيروت بالخطوات الضرورية اللازمة وتطبيق إجراءات الحكومة داخل المخيمات.

 

لا ينكر أحد أن العزل والتباعد الإجتماعي صعب جداً داخل المخيمات بسبب الظروف الإجتماعية الصعبة حيث يقطن في الغرفة الواحدة نحو 10 أشخاص والمنازل متلاصقة بعضها ببعض، والشوارع ضيقة جداً، لذلك فإن عزلها ربما عن المحيط قد يكون ضرورياً وذلك لحمايتها، وليس خوفاً منها لأن تسرّب حالة واحدة إلى أي مخيّم كفيلة بضرب سكانه كلهم.

 

لكن لوجستياً من الصعوبة بمكان فعل هكذا أمر لأن التداخل كبير بين المخيمات والمحيط، وعلى رغم خطورة الوضع، يؤكّد منيمنة أنه لا قرار حتى الساعة بعزل المخيمات، فالحكومة لم تتخذ أي قرار استثنائي مغاير لما يحصل على كل الأراضي اللبنانية، وبالتالي فإن المسألة عند الحكومة وليس عند لجنة الحوار.

 

لم تشمل فحوص PCR العشوائية التي تقوم بها فرق وزارة الصحة المخيمات الفلسطينية، حسبما يكشف منيمنة، بل اقتصرت على اللبنانيين، في حين أن أي حالة مشكوك بأمرها يتم التعامل معها من دون تمييز بين لبناني او أي مقيم على الأراضي اللبنانية. من جهتها، تؤكّد الأجهزة الأمنية أن قرار عزل أي مخيم أو أي بقعة أخرى تتخذه السلطات المعنية ولا تستطيع الأجهزة القيام بمثل هكذا عمل لوحدها، وشروط العزل تُحددها المعطيات الصحية بعد تفشي “الكورونا” أو إذا كان لديها معطيات بأن الوضع يتجه نحو الأسوأ، في حين أن تعامل الأجهزة مع المخيمات يشمل محيطها، بينما تُلقى مسؤولية كبرى على الفصائل والتنظيمات والفعاليات الفلسطينية لضبط الداخل وعدم مخالفة قرارات وزارة الصحة والحكومة. وأمام كل هذه الوقائع فإن حماية المخيمات الفلسطينية واجب على الفصائل والسلطة الفلسطينية والدولة اللبنانية والدول المانحة والداعمة لـ”الأونروا”، وبالتالي فإن أي قرار يتخذ هو لحماية الفلسطينيين وليس للتضييق عليهم.