في 31 تموز الماضي، نشر قانون الموازنة العامة لعام 2019 في الجريدة الرسمية متضمناً في المادة 29 «إعفاء أصحاب الأراضي التي تقع عليها المخيمات الفلسطينية من رسوم انتقال الملكية والتسوية العقارية عند انتقالها إلى الورثة المباشرين في مهلة تنتهي في 31 آذار من العام المقبل». وبما أن عدداً كبيراً من أولئك المالكين يقيمون خارج لبنان، أصدر الأمين العام لوزارة الخارجية والمغتربين، هاني شميطلي، يوم 5 آب، تعميماً إلى البعثات الديبلوماسية اللبنانية في العالم، يطلب منها الإعلان رسمياً عن قرار الإعفاء بهدف تعميم المعرفة به. بالمقارنة مع قوانين أخرى، حظي اقتراح القانون المعجل المكرر الذي قدمه في شباط الماضي ثلاثة نواب بـ«دفشة» سياسية جعلته نافذاً في غضون خمسة أشهر. لكن انتفاضة الغضب في المخيمات الفلسطينية احتجاجاً على خطة وزارة العمل «لمكافحة العمالة الأجنبية»، جعلته مثار جدل ومبعث خوف من «مخطط متكامل لإنهاء المخيمات».
مقترح القانون الذي صار نافذاً، برزت فكرته عقب الإشتباكات التي شهدها مخيم المية ومية بين جماعة «أنصار الله» وحركة فتح في تشرين الأول الماضي، وطالت شظاياها بلدة المية ومية المجاورة. النائب إدغار طرابلسي كان أبرز من جال على المرجعيات السياسية والعسكرية، طالباً «إنهاء الحالة المسلحة في المخيم وإعادة أراضيه المحتلة من قبل اللاجئين الفلسطينيين إلى أصحابها من أهالي البلدة». بعد أقل من عام، يفاخر طرابلسي بإنجازه. «القانون لا يخص المية ومية فقط، بل كل المناطق التي ينتشر فيها 12 مخيماً فلسطينياً». وأوضح لـ«الأخبار» أنه سلّم، بداية الشهر الجاري، وزير المال علي حسن خليل نص القانون الذي قدمه مع زميلين له في تكتل لبنان القوي. القانون يصلح لاستنباط مراسيم تطبيقية تشكل الآلية التي يجب ان يتبعها صاحب الأرض ليحصل على الإعفاء من رسوم الإنتقال والتسجيل. «معاملات حصر الإرث أو التنازل عن الملكية وخريطة طوبوغرافية من الجيش تثبت موقع العقار داخل المخيمات ثم إبرازها أمام السجل العقاري للحصول على موافقة وزارة المالية بالتسجيل من دون دفع رسوم». أما بالنسبة للإعتراضات التي برزت على قصر مهلة الإستفادة من الإعفاء، فقال طرابلسي إن القانون «مررناه في إطار ما يسمى فرسان الموازنة. لكن في قانون موازنة العام المقبل، نأمل بأن تمدد لسنة».
تخشى أوساط فلسطينية من «مخطط تهجيري» يبدأ برفع دعاوى على شاغلي المخيمات
أثر القانون ليس إيجابياً بين كثير من الفلسطينيين الذين صنفوه ضمن «إجراءات التضييق عليهم ودفعهم للهجرة وإنهاء قضيتهم». قيادي في منظمة التحرير الفلسطينية قال لـ«الأخبار» إن الإعفاء «يحفز أصحاب الأراضي على تسوية أوضاعها كمرحلة أولى. أما المرحلة الثانية فستتركز على رفع دعاوى قضائية على من يشغل أو يحتل تلك الأراضي. ما يعرض الآلاف من المقيمين داخل المخيمات إلى مصير مجهول». علماً بأن عشرات الدعاوى القضائية رفعها أصحاب عقارات داخل النطاق الأمني لمخيم المية ومية، وفي محيطه الذي نشأ تباعاً، من دون أن تنفذ القوى الأمنية معظم الأحكام التي صدرت لصالح المالكين وقضت بإخلاء العقارات وإزالة التعديات. فلماذا الخوف الآن؟ «قد يكون القرار السياسي بات جاهزاً». يستبق القيادي «المخططات الموضوعة» التي ستؤدي إلى فرض نموذج نهر البارد على جميع المخيمات. «في عام 2007، استملكت الدولة الأراضي التي يقوم فوقها المخيم وقامت بتأجيره لوكالة الأونروا، ثم أعقبه تأخير في إعادة الإعمار ونزع السلاح منه. وبالنظر إلى التقارير التي تضعها الوكالات الدولية والأونروا وتنقلها لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني نجد بأن مقاربة المخيمات يوضع في إطار (مخيم نهر البارد وسائر المخيمات)».