IMLebanon

القوى الفلسطينية هي المشكل والحل …

بنيامين نتنياهو يستثمر سياسياً في الأمن أولاً، وفي الأمن ثانياً، وفي الأمن أخيراً، وهو الاستثمار الذي لا يزال يدر عليه المكاسب السياسية على مر السنين. وهو يعرف طبيعة أبناء شعبه جيداً، وقادر على أن يهش عليهم بعصا الأمن ويقودهم كالقطعان الى صناديق الاقتراع، والتصويت لمصلحته. والأمنوفوبيا كان هو أيضاً استثمار الذين سبقوه الى السلطة والحكم منذ تأسيس اسرائيل والى يومنا هذا. والمفارقة الغريبة هي أن الناخب الاسرائيلي الذي يوافق على العيش فقيراً وجائعاً وفي ضائقة سكنية في مقابل توفير الأمن له، لم يدرك حتى الآن هذه الحقيقة البسيطة وهي: ما دام الأمن هو الهاجس منذ تأسيس اسرائيل والى اليوم، ألا يعني ذلك أن كل الذين تعاقبوا على السلطة منذ ذلك الحين، قد فشلوا في تحقيق الأمن لهم؟ للناخبين؟!

***

الشعب الفلسطيني هو المشكلة وهو الحل في آن. ولا بد من الاعتراف بأن قوى هائلة في العالم – وبينها أميركا وأوروبا وبعض العرب – فعلوا كل ما في وسعهم للضغط على الشعب الفلسطيني، وشقه وتعميق انقسامه بكل الصور المتاحة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وجغرافيا بين الضفة وغزة، وايدولوجياً بين فتح وحماس، وغير ذلك… وقوى الشعب الفلسطيني الفاعلة شريكة في تحمل هذه المسؤولية، وهذه القوى لو لم تكن عنصراً قابلاً للانقسام والتناحر والاقتتال لما وصل وضع القضية الفلسطينية الى ما وصلت اليه اليوم. أليس من الغريب والمستغرب أن تجد السلطة الفلسطينية منذ زمن طويل، أنه من السهل عليها ايجاد قاعدة تفاوض مع المحتل الاسرائيلي، بينما يتعذر على القوى الفلسطينية المتناحرة ايجاد قاعدة للتفاهم والصلح واعادة الوحدة الى صفوف الشعب الفلسطيني، وفشلت كل محاولات المصالحة، ولا تزال المصالحة معلقة الى يومنا هذا؟!

***

فلسطين وأرض الميعاد في نظر الصهيونية هما الضفة الغربية يهودا والسامرة أولاً وأخيراً، وأن تكون خالية من الأغيار، أي من أي وجود فلسطيني وعربي. وهذا هو الهدف الذي يلاحقه نتنياهو، وهذا ما يريده الاسرائيليون في أعماق وجدانهم، وهذا ما يفسر فوزه المستمر في معاركه الانتخابية. وهذا يعني أن القضية الفلسطينية لم تعد مسألة تحرر من الاحتلال، بل هي قضية حياة أو موت في ظل الاحتلال. من واجب السلطة والقوى الفلسطينية كافة أن تعيد النظر في استراتيجياتها على أساس هذا الواقع، وأن تستعيد وحدتها على أساس خوض مواجهة حياة أو موت مع المحتل الاسرائيلي. صحيح ان قوى الاستعمار والصهيونية وبعض العرب ضالعون في المؤامرة، ولكن عندما تضيع فلسطين – اذا ضاعت – فسيقال إن الشعب الفلسطيني هو الذي أضاع فلسطين بسبب غباء قادته وأنانياتهم وعجزهم عن الترفع عن الانقسامات وتوحيد قواهم وشعبهم…