تستأنف المخيمات اليوم انتفاضتها ضد خطة تنظيم العمالة الأجنبية، بعد تعليق التحركات الاحتجاجية، إفساحاً في المجال أمام تنفيذ الوعود بنقل الشق المتعلق بالفلسطينيين من وزارة العمل الى مجلس الوزراء. أما وقد خلقت الحكومة أمس خطة جديدة بتشكيل لجنة لدراسة العمالة الفلسطينية في لبنان بعد 71 عاماً من النكبة، فقد ضاعفت المخيمات انتفاضتها نحو غضب شامل لا يعرف مداه
ربما استشعر فلسطينيو عين الحلوة أن جلسة الحكومة، أمس، لن تبالي باعتراضاتهم ضد خطة وزير العمل كميل أبو سليمان بفرض حيازة الفلسطينيين إجازة عمل. خلال الإضراب الذي نفذوه بدءاً من صباح أمس، أطلقوا بالتزامن مع بدء الجلسة، أصوات صفارات الإنذار عبر مكبّرات الصوت، في إشارة إلى الخطر الآتي. الوزراء كانوا على قدر التوقعات. لم يبادر رئيس الحكومة سعد الحريري أو وزير العمل إلى الإعلان الرسمي عن تجميد الشق المتعلق بالفلسطينيين في خطة تنظيم العمالة الأجنبية، كما وُعدت هيئة العمل الفلسطيني المشترك من عدد من الوزراء. إنما قرر المجلس تشكيل لجنة برئاسة الحريري وعضوية الوزراء: أكرم شهيب، كميل أبو سليمان، سليم جريصاتي، يوسف فنيانوس ومحمود قماطي، «لدراسة الملف الفلسطيني»، ليس في ما يتعلق بمطلب حق العمل فقط، إنما في الحقوق المدنية والاجتماعية والإنسانية كافة.
هكذا عادت الحكومة باللاجئين الفلسطينيين إلى النقطة الصفر، في ظل ما يعصف بالقضية الفلسطينية من صفقة القرن ومساعي التوطين وتقليص خدمات الأونروا، مخترعة لجنة جديدة برغم وجود لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني التابعة لرئاسة مجلس الوزراء والتي تحظى بدعم سياسي ولوجستي ومالي! فما الذي ستبحثه اللجنة المستحدثة بعد ما أنتجته لجنة الحوار في الوثيقة اللبنانية الموحدة التي صدرت عام 2017 بمشاركة سائر الأحزاب السياسية والتي وضعت رؤية شاملة لمقاربة الوضع الفلسطيني؟
في أول تعليق على مقررات مجلس الوزراء، قال ممثل حركة حماس في لبنان أحمد عبد الهادي: «فوجئنا بأمر اللجنة، بخلاف أجواء التفاؤل التي وضعنا بها حلفاؤنا الممثلون في الحكومة». فوفد هيئة العمل الفلسطيني جال على مختلف الأفرقاء الممثلين في الحكومة، من تيار المستقبل إلى المردة وحزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي (…)، وتلقى وعوداً بـ«الإعلان الرسمي عن تجميد القرار مراعاة للخصوصية الفلسطينية ومواجهة للمؤامرات التي تحدق بحق العودة». فما الذي حصل؟ وفق مصادر متابعة، «بدأت مؤشرات النكث بالوعود من خلال عدم إدراج القضية على جدول مجلس الوزراء، برغم من تعهدات الحريري منذ بدء الأزمة بنقلها من وزارة العمل إلى مجلس الوزراء لبتّها. وخلال الجلسة، وكما فعل في الجلسة الماضية، بادر وزير حزب الله محمود قماطي إلى طرح القضية، مطالباً بحسمها استيعاباً للغضب الفلسطيني. ولذلك، لم يكن النقاش، في مجلس الوزراء، مرتبطاً بقانونية ما فعله الوزير كميل أبو سليمان من عدمه، بل بما أدت إليه إجراءاته من تداعيات خطيرة وجب إيجاد الحل لها. لكن مع ذلك، فإن أحد الوزراء رأى في حجة وزير العمل، أي تنفيذ القانون، حجة غير مقنعة، سائلاً لماذا لا يُطبق أبو سليمان القانون لناحية إلزام أرباب العمل بتسجيل العمال الأجانب في الضمان، على أن لا يستفيدوا من خدماته إلا في حال المعاملة بالمثل؟ ولماذا لم تتم، على سبيل المثال، إعادة تحريك مسألة تطبيق هذا القانون على العمال المصريين، بعدما تقرر في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة غضّ النظر عن الأمر بحجة المصالح العليا للدولة؟
عبدالهادي: من حقنا أن نزعل على ما حصل لأن قتل أي قضية يكون بإحالتها إلى اللجان
بعيداً عن النقاش القانوني وعن الاستنسابية في تنفيذ القانون، تظلل النقاش الحكومي أمس بطرح وزير العمل عدم تجميد أي قرار اتخذه، ورفض تعليق القانون بمرسوم. ولذلك، أيد الجميع مخرج تشكيل اللجنة، التي أعلن الحريري عن هيكليتها الجاهزة التي من المفترض أن تكون قد شكلت في وقت سابق! وإذ اعتبر وزير العمل تشكيل اللجنة بمثابة الانتصار، فقد رفض عبد الهادي التشكيك بـ«صدقية الحلفاء»، لكنه قال: من حقنا أن نزعل على ما حصل اليوم (أمس) وخصوصاً أن قتل أي قضية يكون بإحالتها إلى اللجان. وفي حديث إلى «الأخبار»، تساءل عما يهدئ الشارع الفلسطيني الذي كان ينتظر الإعلان الرسمي عن تجميد قرار وزير العمل. وفي مواجهة «اللجنة الغامضة المضافة إلى القرار الظالم»، أعلنت اللجان الشعبية اليوم الجمعة «جمعة الغضب في المخيمات».
وفيما ينتظر صدور موقف رسمي فلسطيني جامع عن الهيئة تجاه تشكيل اللجنة وعدم إعلان تجميد القرار، أكد عبد الهادي «مواصلة التحركات الاحتجاجية السلمية داخل المخيمات وخارجها حتى الحدود الجنوبية». وفي بيان أصدرته لجنة المتابعة الفلسطينية في لبنان في وقت لاحق من مساء أمس، اعتبرت أن «تشكيل لجنة لدراسة الموضوع الفلسطيني قرار تأخر كثيراً، فضلاً عن أننا لا نعرف صلاحياتها ودورها ومع من ستتواصل من الفلسطينيين». أما رفْضُ اللجنة لقاء وزير العمل لمناقشة تسهيلات الحصول على إجازة أو وضع مراسيم تطبيقية لما ورد في الوثيقة الموحدة، فيعود إلى كون «مطلبنا إلغاء الإجازة من أساسها وليس تسهيل الحصول عليها لأنها تمس بعصب الوجود الفلسطيني. فبطاقة اللاجئ هي إجازة عمل الفلسطيني»، قال عبد الهادي. ولفت إلى أن الجولات التي قامت بها الهيئة ولجنة الحوار اللبناني الفلسطيني تضمنت اقتراحاً بتقديم اقتراح قانون في مجلس النواب لتعديل قانون العمل الرقم 129 واستثناء الفلسطيني منه.