IMLebanon

قيادي فلسطيني: هكذا تتخلصون منّا!

 

 

تحركت مجدداً مخاوف البعض في الداخل، خصوصاً في الوسط المسيحي، من السلاح الفلسطيني وأجنداته بعد أحداث الجنوب الأخيرة… فكيف قارَبت الجهات المعنية هذا القلق المتجدد؟

 

تعمّد الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ان يُضفي في خطابه لمناسبة يوم القدس العالمي الغموض على ملابسات إطلاق الصواريخ من الجنوب أخيراً في اتجاه مستوطنات الجليل الأعلى، معتبراً انّ سياسة الصمت تشكّل احياناً جزءاً من أدوات المعركة ضد الاحتلال الاسرائيلي لأنها تُبقيه في حيرة وقلق بدل التبرع بطمأنته وإراحته.

 

التكتيك نفسه اعتمدته حركة حماس التي لم تنف ولم تؤكد مسؤوليتها عن العملية، مُفضّلة ان تترك الاسرائيلي يتخبّط في تقديراته.

 

لكن ما بات اكيداً انّ إطلاق الصواريخ لم يكن تصرفا فرديا ولا انفعالياً، وانه أتى في سياق المواجهة التي يخوضها محور المقاومة ككل مع الكيان الاسرائيلي.

 

اما الهواجس التي تركتها عملية الجنوب على المستوى الداخلي، فبَدا ان «حزب الله» يتفهّم الصادق منها وتحديداً تلك الصادرة عن بعض الأصدقاء، الا انّ متطلبات المواجهة فرضت عليه عدم الخوض في نقاش علني حولها حتى لا تستفيد تل أبيب من هذا النقاش وتحصل على الاجوبة التي تريدها عن أسئلتها المعلقة.

 

ومع ذلك، عُلم انّ تواصلاً غير رسمي حصل في الكواليس بين مسؤول في «حماس» وشخصية تنتمي الى إحدى القوى المسيحية، جرى خلاله التطرق الى أبعاد حادثة إطلاق الصواريخ من الجنوب ودلالاتها.

 

وقد أكدت تلك الشخصية تأييد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ولكنها أبدت رفضها للعودة بالجنوب الى ما قبل العام 1982 حين كانت تسود فوضى السلاح الفلسطيني، فما كان من ممثل «حماس» الا ان جزم لها بأن لا عودة بتاتاً الى تلك الحقبة وان ظروف المرحلة الحالية تختلف كلياً عما سبق، مشدداً على أن محور المقاومة يَزن الأمور جيداً وتحركاته مدروسة.

 

ولمزيد من التطمين، لفت المسؤول «الحمساوي» انتباه محدّثه الى ان لا مجال أساساً لأي فوضى مسلحة او انفلات ميداني في الجنوب مع وجود «حزب الله» هناك.

وضمن سياق متصل، يعتبر قيادي فلسطيني بارز في أحد الفصائل انّ مخاوف بعض اللبنانيين من عملية إطلاق الصواريخ ليست في محلها، الّا انه لفت في الوقت نفسه الى وجوب التمييز بين الأصوات التي ارتفعت اعتراضاً وعدم وضعها كلها في سلة واحدة، لأنها لا تنطلق جميعها من دوافع واحدة او متشابهة.

 

وعلى قاعدة الفرز بين الخيوط، يؤكد القيادي الفلسطيني انّ مواقف العماد ميشال عون خلال تَولّيه رئاسة الجمهورية كانت، على سبيل المثال، مُشرّفة وواضحة في ما خص دعم المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، سواء كانت لبنانية ام فلسطينية، مشيراً الى ان عون دافع بشجاعة وصراحة عن حق «حزب الله» في المقاومة امام الشخصيات الأجنبية التي التقاها أثناء ولايته، «وهذا أمر يُحسَب له ويُقدّر عليه، خصوصا انه ظل متمسّكاً بقناعته على رغم الضغوط التي تعرض لها»، معتبراً ان اي هواجس يُبديها تيار عون يمكن أن تُبحث لأنها لا تنطلق من دوافع مريبة، كتلك التي تحرّك آخرين من أصحاب الاعتراضات.

 

وردا على ما يعتبرها مزايدات من قبل البعض، يلفت القيادي الفلسطيني الى انّ احداً لن يكون في نهاية المطاف أحرَص على الجنوب وأهله من «حزب الله» نفسه الذي هو جزء لا يتجزأ من هذه البيئة وليس جسماً غريباً عنها، «ولذلك فإنّ الحزب يعرف ماذا يفعل وكيف يدير المواجهة مع العدو بحسابات دقيقة، وما الغموض البنّاء الذي أحاط بإطلاق الصواريخ سوى نموذج عن هذه الإدارة التي تُجيد استثمار عناصر قوتها وعناصر ضعف الاحتلال لتعزيز قدرة الردع».

 

ويضيف القيادي: في كل الحالات نحن نقول لمن يحبّنا ان افضل ترجمة لشعوره حيالنا تكون في مواصلة دعمنا حتى تحقيق العودة الى فلسطين، ونقول كذلك لمن يكرهنا ان افضل طريقة كي يتخلص منّا تكون أيضا في دعمنا لتحرير ارضنا المحتلة حتى نتمكن من العودة اليها، وهذه الفئة الثانية التي لا تحبنا يجب أن لا يزعجها اي نشاط مقاوم لأنه يصب في خانة إراحتها من العبء الذي نمثله لها.

 

ويروي القيادي الفلسطيني انه طرح هذه المعادلة على قطب مسيحي خلال لقاء جمعهما قبل سنوات، «حيث تمنّينا ان يكون هو من المنتمين الى الفئة الأولى».

 

ويكشف القيادي انّ هناك تطويراً تم لآليات التنسيق بين اطراف محور المقاومة، ربطاً بالاجتماعات التي حصلت بين ممثلين عنه، مشيراً الى انّ تجربة وحدة الساحات دفاعاً عن المسجد الاقصى ستتكرر كلما اقتضت الضرورة الاستراتيجية ذلك.