حتّى الآن لم يستطع جيش العدوّ الإسرائيلي أن يفعل أكثر من إنزال الدّمار بغزّة والقطاع والإمعان في تقتيل الأبرياء من الأطفال وهم يلجأون إلى أماكن ظنّوا أنّها آمنة من مستشفيات وكنائس ومساجد ومدارس أو إلى جهات قيل لهم إنّها آمنة وطُلب منهم الانتقال إليها فلاحقتهم صواريخ الطائرات إلى جهات الأمن الموعود، وبالرّغم من كلّ هذا القتل لا يزال جيش العدو عاجزاً عن الدّخول البرّي إلى غزّة، ومع هذا يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي فرصة لتهديد لبنان وحزب الله بتدميرهما بالكامل!!
يستطيع بنيامين نتانياهو أن يتوهّم أو يدّعي أنّ حرب غزّة هي “مسألة حياة أو موت” بالنسبة لإسرائيل، عمليّاً هي مسألة حياة أو موت بالنسبة له شخصيّاً ففي الأسبوع الثاني من سعيه إلى إبادة الشعب الفلسطيني في غزة وطرده من أرضه نحو نكبة جديدة، الأصوات داخل إسرائيل تتعالى مطالبة بمحاكمة نتانياهو بتهمة ارتكابه جرائم حرب في غزة، فيما يرى بعض أنّه يخوض حربًّا ضد القطاع من أجل خلاصه الشّخصي، وبصرف النّظر عن السّبب الذي يخوض نتانياهو الحرب من أجله، سيجد نفسه أمام أوهام توجيهه ضربات قويّة لحزب الله لن يستطيع الحزب نفسه أن يتخيّلها وأنّه سيدمّره، فليدمّره، ولكن أن يدمّر لبنان فـ”طويلة على رقبة من أتى به من الشتات إلى فلسطين، سبق وحاولت حكومة مناحيم بيغين وجيش آرييل شارون أن ينفّذا نفس المهمّة، فخرجت منظمة التحرير الفلسطينيّة من لبنان وخرج خلفها جيش العدو الإسرائيلي مطروداً خائفاً هارباً، يرجو أهل بيروت ألّا يطلقوا النّار، لأنّه يُغادر!!
ما يحدث في غزّة جريمة ضدّ الإنسانيّة، كشفت معها وزارة الصحة في غزّة عن سقوط 50 شهيداً كلّ ساعة، هذا رقم كبير جداًّ ينتهك أبسط مفاهيم الإنسانيّة وقيمها، هي أكثر بكثير من مجزرة تستطيع كلّ دول العالم المؤيّدة لإسرائيل أن تغطّي تبعاتها، أو أن تكرّر إسرائيل مجزرة مستشفى المعمداني، لا يحتمل العالم مجزرة جديدة على نسقها تطالب فيها إسرائيل المستشفيات بإخلاء المدنيّين ، صحيح أنّ دول العالم كانت بلا ضمير منذ خلعت دعمها على كتفيْ إسرائيل إلا أنّها مضطرّة اليوم أن تخجل قليلاً من شعوبها!
من سخافات نتانياهو السّعي إلى طرد الشّعب الفلسطيني من أرضه، اتّخذ حتى اليوم قرار إخلاء أربعة عشر بلدة إضافية شمالي إسرائيل على الحدود مع لبنان بعد قرار سابق بإخلاء تسعة وعشرين بلدة قبلها، هل هذه جيش قادرٌ أن يُحارب على جبهات متعدّدة، أو أن يجتاح غزّة بريّاً فيقع في عشرات الأفخاخ، أن يسوق نفسه إلى حتفه بكلّ ما للكلمة من معنى!
الكاتب يوسي فيرتر كتب في صحيفة هآرتس واصفاً حرب التخوين المستعرة بين فئات المجتمع الإسرائيلي قائلاً: “في وسائل الإعلام، تتجهز كلاب نتانياهو الهجومية للانقضاض”، وفي مقال نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، طالب الصحافي نحميا شترسلر برحيل نتانياهو فوراً من دون تأخير، متّهماً إيّاه بالعجز عن قيادة شعبه خلال الحرب، وحمّله مسؤولية ما يحدث، وقال شترسلر، في مقاله الذي عنونه بـ”ليس غدا، وليس الأسبوع المقبل: على نتانياهو أن يرحل الآن”، إن نتانياهو غير لائق لقيادة البلد، ولا يمكنه البقاء في منصبه ولو ليوم واحد آخر”!