قرأت مقالاً لأحد الكتاب السعوديين، والذي أكن له كل تقدير واحترام، وهو يدافع عن مواقف المملكة العربية السعودية من حرب الإبادة التي يقوم بها جيش العدو الاسرائيلي على مدينة غزّة الحبيبة منذ 47 يوماً حيث وصل عدد الشهداء الى أكثر من 14 ألف فلسطيني، وعدد الأطفال الى ما فوق الـ5 آلاف وعدد الجرحى 130 ألفاً.
يقول الصحافي الكبير: إنّ السعودية لا تساعد أهل فلسطين بسبب انتماء حركة حماس الى الاخوان المسلمين… هذا أولاً. ثم علاقة «حماس» بإيران، وهذا ثانياً…
لو افترضنا ان هذا العذر صحيح، فهل هو كافٍ لتبرير عمل إسرائيل؟ طبعاً كلا وألف كلا.. لأسباب عدة:
أولاً: موضوع حركة حماس وعلاقتها بالاخوان المسلمين موضوع يخص المواطن. فأي مواطن يختار من يريد. كما ان هناك مواطناً يريد أن يكون مع الاخوان المسلمين، وهناك الكثير الكثير من المواطنين هم ضد الاخوان المسلمين. وأكبر دليل على ذلك، ما حصل في مصر أيام «الربيع العربي»، حيث استطاع الاخوان المسلمون ايصال محمد مرسي الى رئاسة مصر انتخابياً… لكن صحوة الشعب المصري أسقطت مرسي في الانتخابات بشكل ديموقراطي.. لأنّ الكلام هو أولاً وأخيراً للشعب المصري.
ثانياً: هناك سؤال يُوَجّه الى المملكة السعودية وهو: لماذا تركت المملكة حركة «حماس» تتجه صوب إيران بعد «اتفاق مكة»؟ ومَن هو المسؤول عن السماح لإيران بالدخول الى غزة؟..
ثالثاً: موضوع إيران هو من أهم وأكثر المواضيع حساسية… والسؤال هنا: كيف استطاعت إيران أن تدخل الى لبنان وتسيطر عليه من خلال «حزب الله»؟
رابعاً: كيف استطاعت إيران أن تدخل الى اليمن وتدعم الحوثيين الذين صاروا يسيطرون على اليمن؟ ولماذا اتجهت المملكة الى الصين من أجل التوسّط مع الحوثيين اليمنيين لإيقاف حرب اليمن؟
خامساً: كيف استطاعت إيران أن تسيطر على سوريا؟ ولماذا تركت سوريا تحت رحمة إيران؟
سادساً: لماذا سمحت المملكة العربية السعودية لإيران أن تسيطر على العراق؟
كل هذه الأسئلة تؤدي الى نتيجة واحدة هي ان هناك تقصيراً من المملكة، لأنه لو أرادت أن تصرف بعضاً من أموالها لحُلّت كلّ هذه المشاكل… والأنكى ان الأموال التي صُرفت على حرب اليمن، لو دفعت لدعم فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن لكانت السعودية اليوم، هي زعيمة العالم العربي من دون منازع.
وبالعودة الى غزّة، كذلك فإنّ هناك أيضاً بعض التساؤلات:
أولاً: لو ان مستشفى في أميركا تعرّض لهجوم عسكري، ما أدّى الى قتل المرضى والأطباء والعاملين فيه… فماذا كان سيكون الموقف هناك، وما كان كذلك موقف العالم كله؟
ثانياً: لو تعرّضت كنيسة في أوروبا للقصف، وفيها عدد كبير من اللاجئين المشرّدين من دون مأوى.. فماذا سيقول العالم إذ ذاك؟
ثالثاً: لو تعرّض مبنى ضخم، يضم 1000 مواطن، وهذا المبنى هو مبنى سكني في أي مدينة من مدن العالم، وفي داخل المبنى عائلات وأطفال ونساء ورجال ونساء كبار في العمر ورجال مدنيون.. فماذا سيفعل العالم؟
أمام هذه الحالات الثلاث والتي حصلت في مكان واحد هو غزّة، ماذا فعل العالم سوى بيانات وتظاهرات وخطابات واستنكارات وطرد بعض السفراء اليهود من بعض الدول…
اما في العالم العربي، فكل الذي حصل هو اجتماع قمّة بعد 40 يوماً من السماح لإسرائيل بأن تقتل وتدمّر وتفعل ما تشاء… وفي النهاية بيان شجب واستنكار.
سؤال بريء: ماذا لو قطعت الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل؟
ماذا لو ان بعض الدول التي أقامت علاقة مع إسرائيل قامت بطرد السفير الاسرائيلي؟
ماذا لو ان بعض الدول التي ذهبت الى التطبيع أوقفت التطبيع وطلبت من الاسرائيلي العودة الى فلسطين عقاباً على ما تفعله في غزّة؟