الجميع يتذكر كيف أوقفت الدول العربية تصدير النفط الى أوروبا وأميركا، وكيف أقفل الملك فيصل رحمة الله عليه أنابيب النفط عام 1973، اثناء حرب «أكتوبر» المجيدة بين سوريا ومصر والأردن والكويت والمملكة العربية السعودية والمغرب وبالتالي الجيش العراقي، وللتذكير فقط فإنّ المرحوم الملك فيصل دفع حياته ثمناً لمواقفه.
ولكن هناك مكان يجب أن تحسب له أميركا ألف حساب أنّ الدم العربي لا يمكن أن يكون من دون ثمن، وكل من يهدر هذا الدم سوف يدفع الثمن غالياً، وهنا أيضاً نذكر بأحداث 11 سبتمبر (أيلول) حين فجّر عدد من الشباب المسلمين أكبر برجين في أميركا ما تسبب بقتل أكثر من 5000 مواطن منهم 2606 قتلوا مباشرة و125 قتلوا لاحقاً، وفقدت نيويورك 441 فرداً من طواقم الانقاذ والباقي من المدنيين.
فإذا كانت أميركا لا تريد أن تتعلم فهي حرّة، ولكن علينا أن نذكّرها أيضاً بما حدث لقوات المارينز في بيروت عام 1983 حين انفجرت شاحنة مفخخة في المجمع السكني حيث كان يقيم أميركيون وفرنسيون.
وكذلك عمليات خطف الاساتذة الجامعيين بما عُرف بملف الرهائن الأميركيين في 19 تموز عام 1982، حين تم اختطاف ديڤيد دودج الرئيس بالنيابة للجامعة الاميركية في بيروت، والأميركي وليام باكلي عام 1984 ومسؤول مكتبة الجامعة بيتر كلبورن، والعقيد وليام هيغنز وغيره.
وكذلك علينا أن نتذكر أيضاً حادثة تفجير السفارة الاميركية في عين المريسة في 18 نيسان (إبريل) عام 1983 والذي تسبب بمقتل 63 شخصاً في السفارة.
كل هذه المحطات التي كنا نتمنى أن ننساها ونفتح صفحة جديدة مع أميركا خصوصاً ان العرب يفضلون النظام الاميركي الحرّ وذلك بعيداً عن الشيوعية والماركسية.. ولكن ما يجري اليوم في فلسطين، وإرسال حاملة الطائرات «جيرالد فورد»، وإرسال جسر جوّي من السلاح لدعم إسرائيل، فهذا سيكون له انعكاسات كبيرة على العلاقات بين الشعوب العربية وبين الحكومة الاميركية.
ما يحدث اليوم في فلسطين المحتلة وتحديداً في غزة من حرب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين لا يمكن أن لا يكون له ردّ فعل قوي ونتائج سيّئة جداً في المستقبل القريب على الولايات المتحدة وحلفائها.
كذلك فإنّ القهر والظلم والتجويع وحرمان الشعب الفلسطيني من الحد الأدنى من العيش الكريم، واحتلال بيوت الفلسطينيين وطردهم منها، كل ذلك لا يمكن إلاّ أن يولّد أشد حالات التطرّف وإثارة الفتن مع شدة كبيرة في ردود الفعل.
ما يجري في غزة من استعمال القذائف والقنابل التي وصلت أخيراً الى إسرائيل من أميركا طبعاً سيكون لها حال تدميرية كبيرة: إذْ يمكن أن تكون هناك قدرة على تدمير مدينة غزة، وربما هذا هو الهدف. وهنا نقول لليهود: لم تتعلموا بعد ان العنف لن يوصلكم الى أن تعيشوا بسلام، والذي حصل في محيط غزة والعملية العسكرية التي قام بها أبطال من المقاومة: أولاً «حركة الجهاد»، وأبطال «حماس»، أعطوكم درساً عسكرياً لم يكن هناك مثيل له في تاريخ البشرية، 1000 بطل من الجو والبحر والأرض قاموا خلال دقائق باحتلال جميع المستعمرات التي بقيتم تعملون ولسنوات على بنائها على أراضي أهل فلسطين وبالقوّة غير مهتمين بحقوق الشعب الفلسطيني بأنّ هذه الأراضي لها أصحابها.
700 قتيل في يوم واحد.. وهذا الرقم ليس له مثيل في تاريخ اليهود.
أكثر من 200 أسير في يوم واحد.. وكل هذا وإسرائيل وأميركا لا تريدان أن تتعلّما من الدروس السابقة.